من المُقرّر أن تُقفَل مدينة بعلبك، اليوم، احتجاجاً على التراخي في مواجهة الفلتان الأمني، ولا سيما عمليات السلب، التي تقع في وضح النهار، وجرائم القتل والخطف المتكررة.
لن تكون المدينة على زحمتها المعتادة، في ضوء التوقعات بمشاركة واسعة من أهالي المدينة وقاطنيها، إذ ستُقفَل أبواب المدارس والمعاهد وفروع المصارف والمؤسسات التجارية... وحتى بلدية بعلبك وبلديات القرى المجاورة لها ستقفل أبوابها.
منذ أيام، قُتل خليل عمر صلح (30 عاماً)، بدم بارد نتيجة تلاسن تافه. سقط الشاب مضرجاً بدمائه بالقرب من منزله داخل أحياء المدينة. تبع الجريمة البشعة عملية سلب نفذها بكل سهولة مسلحون بعدما ترجلوا «بكل هدوء» من سيارتهم وسلبوا أحد صرافي المدينة مبلغ خمسة آلاف دولار في شارع بشارة الخوري وسط مدينة بعلبك. قبلها، سُرقت محال لبيع الهواتف الخلوية وأسلحة الصيد في حيّ العسيرة وشارع بشارة الخوري وعين بورضاي ودورس، ولم تتمكن الأجهزة الأمنية على اختلافها من توقيف أيٍّ منهم. هنا، لم يعد الوضع الأمني يطاق، وبات لا بد من وضع حد للفلتان الأمني المستشري فيها.
البعض يُحمّل مسؤولية الفلتان الحاصل للدولة التي فشلت في تنفيذ خططها الأمنية، بأسمائها وأشكالها المُختلفة، فيما يُحمّل البعض الآخر، الأحزاب والعشائر والفعاليات الاجتماعية والدينية في المنطقة، ويعتبرونهم متواطئين ومساهمين غير مباشرين في إرساء هذا الواقع. من جهة أخرى، ثمة من يرى أن محافظ بعلبك بشير خضر، هو من يتحمل المسؤولية، باعتباره رئيس مجلس الأمن الفرعي.

تقاذف المسؤوليات بين المسؤولين حول الجهة المعنية بضبط الأمن

في اتصال مع «الأخبار»، يردّ خضر على اتهامه بالتقصير، بالقول إن سلطة المحافظ على الأجهزة الأمنية هي «سلطة إدارية»، وليس لديه الصلاحية بمعاقبة ضابط إذا ما قصّر في أداء واجبه أو زيادة العديد الأمني في المنطقة، «فلتلك الأجهزة الأمنية قيادات هي المسؤولة عن تلك الأمور الداخلية فيها». بحسب خضر، فإنّ المسؤولية تتقاسمها الدولة والأهالي، «فالدولة طالبناها مرات عدة بزيادة عديد العناصر الأمنية والجدية في العمل الأمني». ولفت خضر إلى أن قائد الجيش العماد جوزيف عون وعد في خلال اللقاء الأخير الذي عقد معه منذ شهر تقريباً بإرسال سريتين من فوج المغاوير إلى المنطقة للمساعدة في عمليات الدهم وتوقيف المخلين بالأمن. أما عن مسؤولية المجتمع، فأشار خضر إلى أنّ البعض ممن يطالب بالعفو العام لا يزال يمارس «الزعرنات».
بدوره، رأى مفتي بعلبك السابق الشيخ أيمن الرفاعي، أنَّ هناك مسؤولية على الدولة وعلى المجتمع المدني والأحزاب والفعاليات الدينية والاجتماعية، متسائلاً: «لماذا يسمح للبعض بحمل السلاح والتجول به بين أهله وناسه مع زجاج داكن لسيارته، وكيف لمسلحين أن ينفذوا عملية سلب بالقرب من مركز لجهاز أمني؟». ورأى الرفاعي أنّ «المطلوب عودة العقوبات الرادعة للمخلين بالأمن، وتنظيم الحواجز الأمنية عند بعض المفاصل الأساسية للمنطقة، مع توافر غرفة أمنية مشتركة للأجهزة الأمنية ومداهمة المخلين بالأمن وتجار المخدرات والمرابين، المسؤولين عن نهش مجتمعنا من الداخل، مع التشديد على مساهمة المجتمع المدني، العائلات والأحزاب، في ضبط ذلك».
يقول صاحب أحد المحلات التجارية في المدينة لـ«الأخبار» إن المشكلة في المدينة ليست أمنية فقط، بل اقتصادية تنموية، «ولا بد للمسؤولين من ضرب المخلين بالأمن والشروع بخطة إنمائية اقتصادية للمنطقة بالتوازي مع العمل الأمني».
يُذكر أنّ اعتصامات عديدة نفذت على مدى اليومين الماضيين في المدينة استنكاراً للأحداث الأمنية، منها اعتصام نُفّذ منذ أيام أمام سرايا بعلبك الحكومي حيث تجمّع عدد من فعاليات المدينة، فضلاً عن اجتماع عُقد في جامع المصطفى جمع فعاليات المدينة، قال في خلاله رئيس بلدية بعلبك حسين اللقيس، إن مسؤولية الأمن تتحملها الأجهزة الأمنية المعنية، «خاصة قوى الأمن الداخلي، ومن ثم يتبعها القضاء». حينها خلُص الاجتماع إلى اتخاذ قرار بالإضراب والإقفال التام، اليوم، والتجمع أمام سيار درك بعلبك عند مدخل بعلبك الجنوبي، مع توجيه كتاب خطي إلى المسؤولين في الدولة اللبنانية يطالبون فيه «بالتحرك السريع لإنقاذ المدينة مما يجري من إساءات من قبل بعض المخلين بالأمن».