هذه عينة بسيطة عن مواقف عادية نصادفها يومياً وتتطلب منا اتخاذ قرار، ومع هذا نجد صعوبة في حسم خياراتنا. فكيف إذا كان المطلوب منك، في لحظة محددة، اتخاذ قرار سيلازمك مدى الحياة وسيكون عليك تحمل تبعاته مع شروق كل شمس وغروبها كاختيار اختصاص جامعي، وبالتالي مهنة المستقبل؟
مما لا شك فيه أن اختيار الاختصاص الجامعي ومهنة المستقبل يعتبران من أصعب القرارات التي علينا مواجهتها عند التخرج في المدرسة. فإضافة الى مصيرية القرار الذي يتطلب تفكيراً عميقاً نظراً الى النتائج الوخيمة والمكلفة للندم لاحقاً، فإن عوامل عدة تجعل من الخيار مهمة غير يسيرة كتعدد الاختصاصات التي قد نرغب في دراستها أو ميلنا إلى أكثر من وظيفة، أو تداخل الذاتي بالموضوعي أي بين ما نرغب فيه وما هو متوفر أو الأفضل في سوق العمل.
فما هي النقاط التي يجب التوقف عندها لاختيار مهنة المستقبل؟
أولاً: اعرف نفسك
الخطوة الأولى قبل اختيار الاختصاص الجامعي ومهنة المستقبل تكمن في معرفتك لنفسك، وميولك وكفاءتك. ومن الأسئلة التي يمكنك طرحها وقد تساعدك على استكشاف نفسك بشكل أفضل:
■ ما هي المواد التي أحبها وأبرع فيها في المدرسة؟

الاختصاص الجامعي
الذي تريد يمكن أن يؤدي بك
إلى مهنة لا تحبها

بطبيعة الحال، يفرض المنطق أن نبدأ بتحديد ما نحب وبحذف ما لا نحب. بعض الناس يفضلون المواد العلمية، والبعض الآخر يميلون نحو الإنسانيات، وهناك من يفضلون الرياضيات، ومن يحبذون الدراسات الاقتصادية والاجتماعية. كل من هذه التوجهات، عند اختيارك لأي منها في السنة الثانية من التعليم الثانوي، ترسم لك مساراً محدداً عليك اتباعه في ما بعد عند اختيار الاختصاص الجامعي.
■ ما هي نقاط قوتك وما هي نقاط ضعفك؟
بعض المواهب والقدرات قد تكون لها روابط بارزة مع مهن واختصاصات معيّنة. مثلاً: هل لديك ذاكرة جيدة؟ هل أنت شخص اجتماعي يجيد التفاعل مع الناس؟ هل تملك مقدرة على التواصل والإقناع؟ هل أنت موهوب في الرسم؟ على سبيل المثال، يتجه الأشخاص ذوي الميول الفنية نحو الإخراج والرسم والتمثيل، فيما قد يلجأ من هم اجتماعيون بطبعهم ويحبون الاختلاط بالناس وبناء العلاقات إلى التعليم والعلاقات العامة وإدارة الأعمال، والسياحة...
■ ما هي هواياتي؟ كيف أقضي وقت فراغي؟
إن سلوكياتنا ووسائل الترفيه التي قد نلجأ إليها والشخصيات التي قد نتمثل بها عند اللعب في الصغر تعتبر مؤشرات مهمة لتحديد توجهاتنا المستقبلية.
ثانياً: اطلب النصيحة
أنت صاحب الخيار الأول والأخير في اختيار الاختصاص الجامعي، كونك الأدرى بقدراتك وإمكانياتك ورغباتك. إلا أن هذا لا ينفي ضرورة استشارة الأهل والأساتذة، إضافة إلى خبراء في الاختصاصات التي قد تجد نفسك أقرب اليها. وفي هذا السياق، من المهم أن تطرح بعض الأسئلة؛ منها:
■ ما هي مدة التخصص؟
■ أين يمكن دراسته؟
■ ما هي تكاليف الدراسة؟
■ ما أوجه الفرق بين اختصاصين جامعيين متشابهين؟
ثالثاً: اعرف أكثر عن سوق العمل
في الكثير من الأحيان، تكون الحقيقة مغايرة لما نتخيله، وقد لا يتطابق العملي مع النظري. فالاختصاص الجامعي الذي تريده يمكن أن يؤدي بك إلى مهنة ذات ظروف لا تحبها أو تجدها غير مطابقة لتوقعاتك، إن على الصعيد المادي أو على الصعيد المعنوي. فما العمل؟
ينصح في هذه الحال، لكي تكون على دراية تامة بما أنت مقبل عليه، بأن تحاول استكشاف بعض الأمور الأساسية، بما فيها الإجابة عن الأسئلة الآتية:
■ هل الاختصاص مطلوب في سوق العمل؟ وما هي المهن المرتبطة به؟
■ ما هي ظروف العمل بشكل عام والضمانات الاجتماعية التي يمكنك الحصول عليها؟
■ هل مردود الوظيفة المستقبلي جيد، وعلى مستوى تطلعاتك؟
■ ما هي مخاطر السوق كالبطالة وأزمات السوق والقطاع وغيرها؟
■ ما هي فرص التقدم والترقي؟
ولكي تكتشف ميدانياً ما سيكون عليه عملك المستقبلي والمهمات التي ستناط بك، ينصح بأن تستفيد من العطلة الصيفية منذ أيام المدرسة وقبل الوصول إلى الجامعة لتخضع لتدريب مجاني في بعض المؤسسات والشركات التي تعمل في المجال الذي تريد التخصص فيه.
بين العقل والقلب؟
من أكثر الأسئلة الشائكة التي قد يكون عليك مواجهتها والتي تبقى الإجابة عنها محصورة بك فقط وتنبع من معطى ذاتي حصراً، هو معرفة أي درب عليك أن تسلك: هل تتبع قلبك أم تحكّم عقلك؟ ماذا تفعل في حال خُيّرت بين وظيفة تحب، لكن مردودها المادي قليل، ووظيفة لا تحب ومردودها المالي كبير؟
ليس بإمكان أحد الإجابة عن هذا السؤال إلا أنت. لكن تذكر دائماً أن المردود المالي مهم، تماماً كأهمية أن تمارس مهنة تحبها وترضيك معنوياً واجتماعياً.