أن تستحوذ شركة «أمازون» التي تعد أكبر سوق إلكترونية في العالم على شركة «سوق. كوم» الإماراتية، أكبر موقع لتجارة التجزئة عبر الإنترنت في الشرق الأوسط خبر في حد ذاته، يكفي لمعرفة مدى تطور قطاع التسوق الإلكتروني في المنطقة والإمكانيات الهائلة التي يختزنها لكن، بعيداً عن البديهيات تطرح الصفقة أسئلة جدية قد يكون لا يزال من المبكر الحديث عنها، إلا أنها أساسية لمحاولة استشراف مستقبل التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط عموماً والمنطقة العربية خصوصاً، وتحديداً في ما يتعلق بقدرة بقية الشركات على الصمود في وجه العملاق القادم وكيفية تعاطي المنافسين الأصغر حجماً مع هذا التحدي الجديد

ستؤدي المنافسة إلى حصول عمليات دمج بين الشركات في المنطقة
تشير التقديرات إلى أن حجم سوق التجارة الإلكترونية في العالم العربي يقدر بحوالى 15 مليار دولار، وهو رقم مرشح للصعود ليتخطى حدود 20 مليار دولار عام 2020 مع نسبة نمو سنوي تقدر بنحو 30%. فكيف سيؤثر مجيء أمازون على المستهلكين و"ثقافتهم" الإلكترونية، وعلى باقي منصات التجارة الإلكترونية؟

حدث إيجابي

تلتقي آراء الخبراء على ترجيح كفة الإيجابيات على السلبيات في استحواذ "امازون" على "سوق. كوم". يرى نائب الرئيس لدى بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط داني كرم أن "أهمية دخول أمازون إلى المنطقة استراتيجية وبعيدة المدى كون سوق الشرق الأوسط من الأسرع نمواً في العالم، وهو سوق واعد لديه قواعد صلبة للاستمرار والتطور، وهو ما بدأ يظهر جلياً لدى الشركات العالمية الضخمة".
من جهة أخرى، مجرد اسم شركة رائدة عالمياً كـ"أمازون" كفيل في حد ذاته بتبديد الكثير من مخاوف المستهلكين من التسوق الإلكتروني. فوفقاً للخبير في مجال التجارة الإلكترونية كريم صيقلي "ستساهم أمازون في إضفاء صدقية أكبر على السوق الإلكتروني في المنطقة، وتعزز من الخبرات في هذا المجال، ما سينعكس إيجاباً على القطاع ككل، من مستهلكين وشركات ناشئة ويترجم نمواً لافتاً في المستقبل".

دمج واستحواذ

من البديهي أن يطرح دخول منافس بحجم وخبرة "أمازون" وسمعتها إلى أي سوق تحدياً جدياً لبقية المنافسين، فكيف إذا كان السوق لا يزال في طور النمو وينقصه الكثير ليصل إلى مراتب الأسواق الأوروبية والآسيوية والأميركية في مجال التجارة الإلكترونية، ما يعزز المخاوف من هيمنة شبه مطلقة قد يستفيد منها عملاق التجزئة القادم من وراء الأطلسي؟
لا ينفي الخبراء أن المنافسة لن تكون سهلة على الشركات الصغيرة. لكن الصورة ليست بهذه السلبية. تكفي فقط إجادة التعاطي مع الظروف الجديدة والتكيف معها.
يشير الرئيس التنفيذي لموقع "نيل وفرات.كوم"، أكبر موقع كتب عربي على الإنترنت، صلاح شبارو إلى أن "أمازون" ليست "بعبعاً قادراً على ابتلاع باقي المنافسين وإقصائهم بالسهولة التي نتوقع"، لافتاً الى أن الشركة "دخلت السوقين الصينية والهندية، ومع هذا لم تنجح في إقصاء شركة Alibaba الصينية عن الصدارة. لذلك، أمازون وإن كانت منافساً مهماً، إلا أنها ليست بخطر فتاك متى علمت باقي الشركات كيف تشتغل".
في هذا السياق، يوضح كرم أن على الشركات الصغيرة كي تتمكن من منافسة "أمازون" أن "تقدم شيئاً مختلفاً كلياً أو تقديم خدمات مميزة جداً ليس فقط على صعيد الأونلاين، لكن من خلال التجربة ككل. فالتجربة لا تبدأ من لحظة الشراء ودخول الموقع، بل من لحظة يبدأ فيها المستهلك بالتفكير".
إضافة إلى ما تقدم، يقول نائب الرئيس لدى بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط إن "دخول أمازون إلى السوق سيساعد باقي الشركات على تطوير نفسها وأعمالها، إذ إن نجاحها يمكن أن يشجع شركات ضخمة أخرى على الاستحواذ عليها". ولا يستبعد أن تؤدي المنافسة إلى حصول "عمليات دمج بين الشركات في المنطقة"، مع تشديده على أن يكون الدمج "مدروساً ومتناغماً وذا رؤية واضحة".

* للتواصل مع «قسم أعمال» الرجاء إرسال المواد إلى البريد الالكتروني: [email protected]