وجّه وزير المال، علي حسن خليل، ووزير الزراعة، غازي زعيتر، اتهامات بتزوير قرار مجلس الوزراء رقم 1، الصادر عن الأمانة العامة بتاريخ 28/3/2017، والمتعلق بالموافقة على خطّة الكهرباء لصيف 2017. بحسب هذه الاتهامات، جرت صياغة القرار بما لا يتفق مع حصيلة الجلسة الاستثنائية، التي خصصت لمناقشة الخطّة، والتي جرت فيها الموافقة "مبدئياً" على ما عرضه وزير الطاقة والمياه، سيزار أبي خليل، على أن يعود في كل إجراء مقترح إلى مجلس الوزراء لمناقشته وإقراره بصورة مستقلة.
بحسب القرار الصادر لا يظهر التزوير بوضوح، فهو متطابق مع مقررات مجلس الوزراء التي أعلنها وزير الإعلام ملحم رياشي بعد جلسة مجلس الوزراء لجهة استدراج العروض والمناقصات وفق القوانين المرعية. القرار يشير إلى أنه جرى "تكليف وزير الطاقة والمياه اتخاذ الإجراءات اللازمة واستدراج العروض وإعداد المناقصات اللازمة وعرض كافة مراحلها تباعاً على مجلس الوزراء وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء".
رغم وضوح هذه الفقرة لجهة ربط كل خطوة من خطوات وزير الطاقة بالعودة إلى مجلس الوزراء، إلا أن مسار تنفيذ الخطّة لا يشي بأنَّ هناك شفافية، بل على العكس، إذ إنَّ استدراج العروض الذي نشر في الصحف قبل يومين ينص على أن وزارة الطاقة تعلن رغبتها في الحصول على عروض لاستئجار بواخر لإنتاج الطاقة الكهربائية (800 ميغاوات ــ 1000 ميغاوات) وأنَّ على الشركات المهتمة الاتصال بوزارة الطاقة والمياه على الرقم 01/565042 (المهندس روبرت سفيري) للحصول على الشروط المرجعية للمشروع ومتطلباته وتعبئة النماذج المطلوبة وإيداعها لدى وزارة الطاقة والمياه مكتب رقم 402 في مهلة أقصاها نهار الثلاثاء 18 نيسان 2017 الساعة الثانية عشرة ظهراً.

إعلان وزارة الطاقة قد لا يحقق سوى فوز شركة «كارادينيز»

في الواقع، إنَّ هذا الإعلان مخالف لمداولات مجلس الوزراء ولما أعلنه رياشي ولمحضر مجلس الوزراء، لأنه يجري عبر آلية غير قانونية ومخالفة لقانون المحاسبة العمومية بالنسبة إلى استدراج العروض المحصور. فهذا الإعلان يجري عبر مكتب وزير الطاقة، وليس عبر إدارة المناقصات، كذلك فإنه لا يمرّ عبر مؤسسة كهرباء لبنان، ولا عبر المديرية العامة للاستثمار والصيانة في وزارة الطاقة. أما مدّة استدراج العروض فهي 20 يوماً، وهي فترة قصيرة جداً نسبة إلى تلزيم تقدّر قيمته بنحو 1.886 مليار دولار، من دون إغفال أن هذا التلزيم هو اضطراري بعد فشل تنفيذ خطّة بواخر الكهرباء في السنوات السبع الماضية بسبب مناكفات وزيري المال والطاقة.
ومن الملاحظات الأساسية على هذا الإعلان، أنه يستبق عرض دفتر الشروط على مجلس الوزراء، بل يكاد يشير إلى أنَّ دفتر الشروط السابق الذي اعتمد لتلزيم شركة كارادينيز هو المرجع الصالح لتنفيذ هذا التلزيم. لكن اللافت أنَّ هذا المشروع سبقته شائعات عن عدم وجود شركات توليد كهرباء بواسطة البواخر باستثناء شركة كارادينيز، فضلاً عن أن استقطاب العارضين الأجانب لا يجري بطريقة الإعلان في الصحف المحلية.
كل هذه الملاحظات على طريقة الإعلان والتلزيم، ليست مخالفة لما اتُّفق عليه في مجلس الوزراء حصراً، بل هي مخالفة أيضاً للأصول القانونية المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية، وهي تشكّل محاولة لكسر كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أصرّ في جلسة مجلس الوزراء على اتباع القوانين النافذة التي ترعى المناقصات العمومية.
في المقابل، تقول مصادر وزير الطاقة سيزار أبي خليل إنه ملتزم ما اتُّفق عليه في الجلسة، أي العودة إلى مجلس الوزراء للموافقة على كلّ بند من الخطّة على حدة. وتفسّر المصادر قرار مجلس الوزراء بأنه يعطي وزير الطاقة والمياه حقّ اتخاذ القرارات عند تنفيذ كلّ مرحلة من مراحل الخطّة بما يتضمّنها من استدراج عروض وإعداد المناقصات ودفاتر الشروط، لقاء وضع المجلس في إطارها.
غير أنَّ ما ورد في الخطّة التي ناقشها مجلس الوزراء ليس مشجعاً في هذا الاتجاه، إذ إنَّ أبي خليل رفع إلى المجلس "خطّة" تتضمن عرضاً وحيداً من شركة "كارادينيز" التركيّة لتأجير لبنان باخرتين جديدتين لإنتاج أكثر من 800 ميغاواط إضافية بكلفة 1.886 مليار دولار على 5 سنوات. وتتضمن الخطّة أيضاً عرضاً وحيداً من شركة "غروث هولدينغ" لإنتاج 1000 ميغاواط من الطاقة الشمسية. في جلسة مجلس الوزراء، أثيرت شكوك كثيرة حول العرضين، وظهرت اعتراضات واسعة على مبدأ التلزيم بالتراضي.
أما الاعتراضات التي أثيرت بعد صدور محضر مجلس الوزراء، فهي اعتراضات ذات خلفيات سياسية، وهي تندرج في إطار المناكفات السابقة التي أدّت إلى تعطيل تشغيل المعامل الجديدة في الذوق، وإلى استئناف عملية إنشاء معمل دير عمار 2... اليوم نعود إلى استئجار البواخر لمدة خمس سنوات إضافية بسبب تلك المناكفات تحديداً. القلق الذي يساور المطلعين، هو أن يتكرّر سيناريو فوز "كارادينيز".
(الأخبار)