بات الكلام في ما خصّ البحث عن قانون جديد للانتخابات النيابية مُكرراً، خاصة لدى تذكير القوى السياسية، مع كلّ يومٍ يمضي، بأنها لا تعمل سوى على تضييع الوقت. آخر الصيغ المطروحة على النقاش بين الكتل هي المشروع «التقسيمي» الذي تقدّم به وزير الخارجية جبران باسيل، رغم أنه حظي باعتراض معظم الأحزاب والشخصيات السياسية عليه. مع ذلك، لا يزال يُنازع البقاء.
لماذا خسارة الوقت في بحث مشروع ساقطٍ؟ ولماذا لا تجرؤ أي من القوى المعترضة على المجاهرة برفض مشروع باسيل، فينتقل البحث إلى مناقشة صيغ أخرى بدل الاستمرار في تضييع الوقت في هذه «الحَشرة»؟
يواجه مشروع رئيس التيار الوطني الحر، حتى الساعة، أربعة اعتراضات أساسية؛ منها ما هو مُضمر ومنها ما هو مُعلن؛ من جهة، هناك اعتراض النائب وليد جنبلاط، وحزب الكتائب، والقوى العلمانية، وما يُسمّى مستقلّي 14 آذار و«سنّة» 8 آذار، والرئيس نجيب ميقاتي، وعدد آخر من القوى. وكان جنبلاط قد أكدّ، على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه «لا يمكن القبول بمشروع انتخابي يقسم بين اللبنانيين ويلغي الشراكة والتنوّع».
الاعتراض الثاني يأتي من جهة الرئس نبيه بري، الرافض للتصويت الطائفي، وللآلية المعتمدة في التصويت النسبي في مشروع باسيل، لجهة تقسيم الدوائر وحصر الصوت التفضيلي في القضاء.
من جهة تيار المستقبل، ورغم إبلاغه باسيل أنه موافق على مشروعه، فإنّ التعبير الأوضح لموقف «التيار الأزرق» جاء على لسان الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، قبل أسبوع، حين عبّر عن رفض مشروع اللقاء الأرثوذكسي ولو كان مُقنَّعاً. والحديث هنا عن الشق الأكثري في مشروع باسيل، القائم على منع المسيحيين من انتخاب مسلمين والعكس. وما تجرّأ أحمد الحريري على البوح به، يهمس به سراً كلّ من شقيقه نادر الحريري (مدير مكتب الرئيس سعد الحريري) والوزير نهاد المشنوق والنائبين فؤاد السنيورة وسمير الجسر، وآخرون في التيار.
أما حزب الله، فقد أبلغ باسيل انفتاحه على مشروعه، وموافقته على جزء منه، ووجود «ملاحظات» على الجزء الآخر (آلية التصويت النسبي وحصر الصوت التفضيلي في القضاء).
جمع كلّ هذه الملاحظات يؤدي إلى نتيجة واحدة: رفض كامل للمشروع الباسيلي من كلّ القوى الوازنة في البلد. رغم ذلك، تستمر النقاشات بشأنه، وتستمر مضيعة الوقت، لعدم إقدام أيّ من المفاوضين على إعلان رفضه للمشروع، وكون باسيل يتمسّك بمشروعه كما هو، رافضاً أيّ تعديل جوهري عليه. وعلى سبيل المثال (لا الحصر)، يتريّث «المستقبل» في إعلان موقفه، لأنه يريد أن تصدر الـ«كلا» من جانب حليفي التيار الوطني الحرّ: حزب الله وحركة أمل.
وخلافاً لـ«الابتزاز» الذي يُمارسه البعض بأنّ لا حلّ سوى بمشروع باسيل، بدأ يُحكى في الأوساط السياسية عن مشروع قانون يعتمد النسبية في ست دوائر: بيروت، الجنوب، البقاع، الشمال، جبل لبنان الجنوبي وجبل لبنان الشمالي. النسبية في هذه الدوائر تمنع ما يَخشى منه، عن حقّ أو عن باطل، رافضوها لجهة تحذيرهم من الطغيان العددي للطائفتين المسلمتين. فهو يحصر الكتل الطائفية داخل المحافظات التاريخية، حائلاً أمام قدرتها على التأثير في المقاعد الـ128. كذلك فإنه يتيح للكتل الطائفية، إن كانت تملك الأكثرية، انتخاب نوابها. على الرغم من أن القيد الطائفي لا يزال معتمداً، لكن ليس في هذا المشروع أي سلبية من سلبيات مشروع جبران باسيل. لكن الحديث عن هذا الاقتراح لا يزال في مراحله الأولى.

مصادر «الوطني»: حزب الله
لن يمشي، تحت ضغط الفراغ، بقانون أمر واقع

وفي الملف الانتخابي، وخلال لقائه وفداً من «اللقاء الوطني»، أكّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنه «حتى الآن لا اتفاق واضحاً على قانون جديد للانتخابات»، وأن الحزب قدّم «عدة ملاحظات» على مشروع باسيل. وقالت مصادر في اللقاء الوطني لـ«الأخبار» إن «حزب الله لن يمشي، تحت ضغط الخوف من الفراغ، بقانون أمر واقع، لأن الفراغ ليس خياراً موجوداً في الأصل». وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله يؤكّد ضرورة اعتماد الخيار الوطني في القوانين المختلطة، أي أكثرياً على أساس وطني ونسبياً على أساس وطني مع اعتماد الصوت التفضيلي على قاعدة وطنية». وقالت المصادر إن «فريق 8 آذار بأكمله يشدّد على ضرورة اعتماد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية، وإن تعذّر الأمر، فعلى أساس خمس أو ست أو سبع دوائر كبيرة».
وأشار قاسم، خلال احتفال أمس، إلى أنه «لم نصل إلى قانون متفق عليه، وما زلنا نحرص على إنتاج قانون بشرط أن يكون منصفاً وتمثيلياً في آن واحد، بحيث تكون كل الفئات الموجودة على الساحة ممثلة في المجلس النيابي». وأعاد التأكيد أنّ الخيار هو النسبية لأنها «على قياس الوطن وليست على قياس الطوائف ولا على قياس قوى سياسية، وتعطي القوى المختلفة أحجامها ولا تختزل أحداً». وقال: «إذا أردنا أن نستفيد من الوقت المتبقي، والوقت غير مفتوح، من المهم أن نعود إلى النسبية لأنها الأكثر عدالة».

تعيينات في فرع المعلومات

أمنياً، برز تطور على صعيد التعيينات الأمنية. فبعد تعيين اللواء عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، والعقيد خالد حمود رئيساً لفرع المعلومات، ظهر خلافٌ حول اسم رئيس فرع الأمن العسكري في «المعلومات» لخلافة العميد سعيد فواز. الثنائي عثمان ــ حمود أصرّ على تعيين الرائد ربيع فقيه، بينما كان ثنائي حزب الله ــ حركة أمل يزكّي خيار المقدم مصطفى بدران. وبعد أخذ وردّ، صدر أمس قرارٌ عن حمود يقضي بتعيين فقيه رئيساً لفرع الأمن العسكري، والرائد محمد ضاهر رئيساً لفرع الأمن القومي، والرائد شربل زغيب رئيساً لفرع الخدمة والعمليات، والرائد حسين المولى رئيساً لفرع الرصد والتعقب، والمقدم محمد العرب رئيساً لفرع معلومات الشمال ومُشرِفاً على مكتب معلومات طرابلس، والمقدم جورج خيرالله رئيساً لفرع معلومات جبل لبنان، والمقدم طوني صليبا رئيساً لفرع معلومات البقاع. كذلك فإنّ عثمان أصدر قراراً بتعيين العقيد علي سكينة قائداً لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الاقليمي، والعقيد ربيع مجاعص قائداً لمنطقة البقاع في وحدة الدرك الاقليمي. ولم يُعرف بعد ما إذا كان قرار تعيين فقيه وسكينة قد تمّ بالتنسيق مع حركة أمل، التي تطالب بأن تكون لها الكلمة الفصل في تعيين شاغِلَي هذين المركزين، أم أنّ الأيام المقبلة ستكشف عن خلاف بين «أمل» وقوى الأمن الداخلي شبيه بما كان بين «الحركة» والمديرية العامة لأمن الدولة في ولاية مديرها العام السابق اللواء جورج قرعة.
وعلى الصعيد الأمني أيضاً، عُقِد أمس اجتماع في القصر الجمهوري، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حضره رئيس الحكومة سعد الحريري، ووزراء: الدفاع يعقوب الصراف، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، وقادة الأجهزة الامنية والعسكرية. وتركّز البحث حول الإجراءات الأمنية في مطار بيروت الدولي وضرورة تحسينها وعدم السماح بأي خرق.
(الأخبار)