تهدّد جمعيّة المزارعين بإطلاق "ثورة فلاحين"، في مواجهة ما يحضّر في كواليس وزارتَي الاقتصاد والزراعة ويهدّد بالقضاء على القطاع الزراعي وتشريد آلاف العائلات التي تعيش من هذا القطاع. فمنذ يومين، أعلنت وزارة الاقتصاد موافقتها على إلغاء البرنامج التنفيذي للتبادل التجاري بين لبنان ومصر، بناءً على طلب الجانب المصري، وهي اتفاقيّة وقّعت في عام 1998، وتمنع مصر من تصدير نحو 20 منتجاً زراعياً إلى لبنان لحماية المنتجات المحليّة من المنافسة الخارجيّة.
تعود المطالبة المصريّة إلى عام 2008، وهي تتجدّد دورياً، ودائماً ما كانت تُجابه برفض وزارة الزراعة، لكن في اجتماعٍ عُقد يوم الاثنين المُنصرم في وزارة الزراعة، أعلنت المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عبّاس أن الوزير رائد خوري وافق على الطلب المصري، بحجّة "الانفتاح وتحسين العلاقات التجاريّة مع الخارج"، وهي حجّة تضرب عرض الحائط بمصالح المزارعين ومربّي الدواجن ومنتجي الحليب، بحسب رئيس جمعيّة المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك، الذي قال لـ"الأخبار" إن "هناك جهوداً حثيثة تخوضها وزارة الاقتصاد لإقناع الوزارات المعنيّة بهذه الخطوة، أي كلّ من وزارة الزراعة باعتبارها المعني المُباشر بكلّ ما له علاقة بهذ القطاع وتعدُّ موافقتها ضروريّة لإلغاء الاتفاقيّة، ووزارة الخارجيّة والمغتربين المعنيّة بالعلاقات الخارجيّة والثنائيّة والدبلوماسيّة".

الاتفاقية تمنع مصر من تصدير نحو 20 منتجاً زراعياً إلى لبنان



تشكّل الصادرات المصريّة إلى لبنان نحو 775 مليون دولار أميركي من دون أن تخضع لأي قيود، فيما يصدّر لبنان إلى مصر منتجات زراعيّة بقيمة 50 مليون دولار أميركي سنوياً، أي ما يساوي 1/13 من الميزان التجاري بين البلدين. وتالياً، يعدُّ إلغاء الاتفاقيّة بمثابة تقديم امتيازات مجانيّة للطرف المصري من دون مقابل، وهو أشبه بإعدام الزراعة اللبنانيّة، وتحديداً الإجاص، والتفاح، والحمضيّات، والزيتون، والعنب، وزيت الزيتون، والبطاطا المحضّرة، والحليب، والأجبان، والفروج على أنواعه، وبيض الدجاج، والموز، والكوسا، والبندورة، والخيار، والباذنجان (الممنوع استيرادها راهناً بموجب الاتفاقيّة)، كون السوق المحليّة ستُغرق بالمنتجات الأجنبيّة، مع فقدان أي قدرة على المنافسة.
إن إلغاء الاتفاقيّة، بحسب وزارة الاقتصاد، سيحرّر التجارة ويلزمها باتفاقيّة التيسير العربيّة، متجاهلة فقدان عامل المنافسة نظراً إلى كون الأسعار منخفضة والكمّيات التي ستضخّ في السوق مُرتفعة، متذرعة بفرض قيود كميّة لحماية الإنتاج، وهو ما تدحضه التجارب السابقة بحسب الحويك. ففي عام 2016، سمح وزير الزراعة آنذاك أكرم شهيب بدخول 12 ألف طن من البطاطا المصريّة، إضافة إلى الـ 50 ألف طن المتفق عليها بين البلدين، في آخر يوم من آذار (وهو التاريخ المحدّد للاستيراد منعاً للمضاربة مع البطاطا المحليّة، التي يبدأ إنتاجها في عكار في منتصف نيسان، وفي البقاع في منتصف حزيران)، وهو ما أدّى إلى ضرب الموسم اللبناني وبيع كيلو البطاطا بـ 250 ليرة فقط. وكذلك حصل في عام 2008، عندما رفض وزير الاقتصاد آنذاك سامي حدّاد الالتزام بالروزنامة الزراعيّة للاستيراد من الدول العربيّة، ولم يلزم الجمارك بتطبيقها، ما أغرق السوق اللبنانيّة وأدّى إلى تلف المنتجات المحليّة. ويتابع الحويك: "نحن أمام خطر حقيقي يهدّد الزراعة وهي القطاع الإنتاجي الأول في لبنان، ويدفعنا إلى إطلاق ثورة فلاحين لصدّ أي تدبير يحرم المزارع من لقمة عيشه".