حرج بيروت أُغلق مجدّداً في وجه الناس حتى شهر حزيران المقبل، هذا على أقل تقدير. بدأ تنفيذ هذا الإجراء الصادر عن بلديّة بيروت، من دون أن يتمّ الإعلان المُسبق عنه، منذ الخامس من آذار الحالي، عندما طرد روّاد الحرج قبل انتهاء داوم فتحه الرسميّ، ليستمر الإغلاق منذ ذلك التاريخ حتى اليوم. الأمر أثار حفيظة العموم، ويستغرب المدير التنفيذي لجمعيّة "نحن" محمد أيوب "عدم إعلان البلديّة عن قرار إغلاق الحرج بهذه الطريقة المُعيبة، وتوضيح الأسباب الكامنة وراءه، وهو ما أدى إلى إهانة الزوّار وطردهم".
عملياً، استندت البلديّة في قرارها إلى تقرير فني وتشخيص أمراض صادر في 28/2/2017 عن المجلس الوطني للبحوث العلميّة، يشير إلى معاناة أشجار الصنوبر في الحرج من أمراض خطيرة، ويقترح نظراً إلى خطورة المرض، إغلاق الحرج أمام الزوّار طوال فترة المُعالجة، التي يمكن أن تمتدّ حتى حزيران المقبل.

حرص البلديّة على الحرج مشكوك فيه والضرر سببه سوء إدارتها

"المرض يضرب الحرج منذ نهاية العام الماضي"، بحسب عضو بلديّة بيروت هاغوب ترازيان، "والمعالجة التي أطلقناها مذّاك لم تجدِ نفعاً، لذلك، وبعد استشارة مجموعة من الخبراء العالميين وصدور تقرير البحوث العلميّة، قرّرنا إطلاق عمليّة رشّ أنواع جديدة من المبيدات قبل انتشار الأمراض إلى باقي الأشجار، وأغلقنا الحرج حفاظاً على السلامة العامّة منذ يوم الجمعة الماضي". ويضيف ترازيان: "الأهم بالنسبة إلينا الآن هو إنقاذ الأشجار بانتظار مجموعة من التقارير الأخرى التي ستحدّد أسباب المرض وتاريخ فتح الحرج".
حرص البلديّة على أشجار الحرج مشكوك فيه، بحسب أيوب، خصوصاً أن هناك أسباباً عدّة تتحمّل البلديّة مسؤوليتها، ساهمت في يباس الأشجار وانتشار حشرة الـBuprestidae في الجذور المصابة. ومن أبرز هذه الأسباب التي وثّقتها دراسة أجراها متخصّصون في علم الحشرات والمكافحة البيولوجيّة: 1- الإهمال اللاحق بالحرج نتيجة سوء الإدارة. 2- عدم ريّ أشجار الحرج ما أدّى إلى إصابتها بالجفاف. 3- تشحيل الأشجار بطريقة ساهمت في نخرها. 4- تلوّث الهواء نتيجة حرق النفايات منذ بدء أزمة صيف 2015. 5- التغيّرات المناخيّة وارتفاع الحرارة. وهي كلّها عوامل كوّنت بيئة حاضنة لهذه الحشرة.
يطالب أيوب بكشف البلديّة عن "تفاصيل الخطّة الكاملة التي ستعتمدها لمكافحة هذه الحشرات ومدّتها الزمنيّة التي لا يجوز أن تمتدّ أكثر من حزيران المقبل، وإعلام الناس بأنواع المبيدات المُستعملة وكيفيّة الوقاية منها، نظراً إلى الأخطار التي قد تترتب على السلامة العامّة جراء استخدامها، والأهمّ عدم استعمال مرض الأشجار ذريعة لبناء الأسوار الفاصلة أو إغلاق الحرج مجدّداً ومنع الناس من دخوله". أمّا خوف أيوب فيعود إلى قرار بلدي صادر مؤخراً بإعادة تأهيل السياج الداخلي للحرج، وهو "ما قد يكون مقدّمة لقسمه وإنشاء الملعب البلدي والمستشفى الميداني المنوي بناؤهما".