الجهات المستدعية: جمعية الخط الأخضر، ممثلة برئيس هيئتها الإدارية الدكتور علي درويش
وجمعية المفكرة القانونية، ممثلة بمديرها التنفيذي المحامي نزار صاغية
تحية طيبة وبعد،
عملاً بمسؤوليتكم الكبرى في السهر على ضمان احترام الدستور، وبخاصة المبادئ التي ينبني عليها، وأبرزها مبدأ فصل السّلطات، وبتعهدكم الميمون في خطاب القسم بصون استقلال القضاء،
يشهد الرأي العام اللبناني منذ أسبوعين مشهداً من شأنه أن يدمّر أسس دولة القانون، ويرمينا جميعاً في دولة لا مكان فيها إلا للأقوى. وقد تمثل هذا المشهد في استمرار شركة خاصة هي شركة Eden Bay ش.م.ل. في بناء منتجعها على شاطئ الرملة البيضا في العقارات 3689 و3690 و3691 و3692 المصيطبة، على الرغم من صدور قرارين قضائيين عن مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ الرخصتين الممنوحتين لها لتشييد هذا المبنى، الرخصة الأساسية والرخصة التعديلية. تستمر الأشغال بتغطية من محافظ بيروت السيد زياد شبيب ووزير الداخلية نهاد المشنوق، فكأنما لا معنى لكلمة القضاء وبإمكان أي كان أن يخالفها. كل ذلك في مشهد فاقع ومقزّز من شأنه أن يترك آثاراً عميقة، يصعب ترميمها، على ثقة المواطنين بالدولة وحماية القانون.

أمام هذا الواقع، وجدنا من الضروري دعوتكم إلى اتخاذ أقصى ما بوسعكم من قرارات لقلب المشهد وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، تأكيداً على مبدأ فصل السلطات ووجوب احترام القرارات القضائية.
بالتفاصيل، ولاعتبارات تتصل بحماية الأملاك العامة وحق المواطن بالتمتع بالبيئة وبالولوج الحر إلى الشاطئ، وعملاً بمبدأ الحفاظ على استمرارية الشاطئ ووحدته، أصدر مجلس شورى الدولة قراراً إعدادياً في 8/2/2017 قضى بموجبه وقف تنفيذ رخصة البناء على العقار 3689/ المصيطبة الصادرة في 6/9/2016 لمصلحة مالكة العقار، وذلك بناءً على المراجعة التي كانت قد تقدمت بها الجمعية البيئية "الخط الأخضر" بالتعاون مع جمعية "المفكرة القانونية". لقي القرار ترحيباً واسعاً منقطع النظير من الرأي العامّ، الذي شعر بأن بإمكان القضاء اللبناني أن يحمي الحقوق الأساسية للمواطن اللبناني وما تبقى من الأملاك العامة والبيئة في لبنان. إلا أن محافظ مدينة بيروت زياد شبيب رفض تطبيق القرار بحجة أنه ينطبق على الرخصة الصادرة في 6/9/2016، فيما هو أصدر (أي المحافظ) رخصة جديدة بتاريخ 19/1/2017. وقد ذهب المحافظ إلى حدّ التصريح بأن الرخصة الأساسية ملغاة وبأنه يحظى بدعم وتأييد وزير الداخلية نهاد المشنوق (بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمحافظ بيروت بتاريخ 3/3/2017). وعليه، وفي ظل هذا الغطاء الإداري، وبدل وقف تنفيذ الأعمال، وضعت الشركة مالكة العقار خطة لتسريع تنفيذ الأعمال.
على الرغم من أن حجج المحافظ غير صحيحة، وشكلت مجرد ذريعة لإعاقة تنفيذ القرار القضائي، عادت الجهة المستدعية وتقدمت، قطعاً لأي مجال للذرائع، بمراجعة ثانية أمام المجلس نفسه، طالبة وقف تنفيذ الرخصة التعديلية (أي الرخصة المشار إليها من قبل المحافظ بأنها "الرخصة الجديدة")، على أساس أن القرار الصادر في 8/2/2017 بوقف تنفيذ الرخصة الأساسية يشمل وقف تنفيذ أي رخصة تعديلية. وقد حسم مجلس شورى الدولة الجدال حول طبيعة رخصة البناء "الجديدة" في قرار صادر بتاريخ 6/3/2017، قضى بوقف تنفيذ الرخصة التعديلية لمشروع "إيدن روك" واعتبارها مشمولة حكماً بوقف التنفيذ الحاصل وفقاً للقرار السابق الصادر في شباط 2017، (قرار مجلس شورى الدولة في 6/3/2017).
تم إبلاغ محافظة بيروت نسخة صالحة عن التنفيذ لقراري مجلس شورى الدولة بتاريخ 8/3/2017، كما تناقلت وسائل الإعلام الأخبار بشأنهما. ورغم ذلك، لم يتخذ محافظ بيروت القرارات اللازمة لوقف الأعمال في الورشة، التي تستمر بوتيرة أسرع، وعلى مرأى من الرأي العام المفجوع بما وصلت إليه مكانة القانون في لبنان.

الرأي العام مفجوع
بما وصلت إليه مكانة القانون
في لبنان
لا بل وصلت الأمور إلى أن تجرأت الشركة الخاصة على التهويل على الناشطين بسبب لجوئهم إلى القضاء ومطالبة فخامتكم ورئيسَي الحكومة ومجلس النواب بالتدخل لوقف القرار القضائي (بيان شركة Eden Bay في 8 آذار 2017).
لهذه الأسباب، وبالنظر إلى مكانة رئاسة الجمهورية التي نحترم ونقدر، وبالنظر إلى الأهمية الفائقة لهذه القضية التي باتت حماية الملك العام وحق المواطن بالبيئة السليمة مقترنة فيها مع وجوب احترام فصل السلطات واستقلال القضاء. فماذا يبقى من استقلال القضاء إذا تجرأت شركة خاصة على مخالفة قراراته بدعم من أعضاء في السلطة التنفيذية وتغطيتهم،
جئنا نطلب منكم التدخل الفوري لإعادة تصويب الأمور صوناً لمبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء، وبشكل غير مباشر صوناً للأملاك العامة وحق اللبنانيين، وبخاصة أهل بيروت وسكانها في التمتع بالبيئة، بالشمس والرمل والبحر دون عوائق.
وكلنا أمل أن يلقى هذا الطلب ما يستحقه من عناية منكم.
وتفضلوا بقبول الاحترام