أصدر قاضي الأمور المُستعجلة في النبطية، القاضي أحمد مزهر، أمس، قراراً يقضي بإلزام طليق المُستدعية ريتا شقير تسليم ابنيهما آدم (4 سنوات) لرؤية أمه "مرة أسبوعياً، يوم السبت من الساعة الثالثة حتى السادسة بعد الظهر، تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها 3 ملايين ل.ل. عن كل تأخير في تنفيذ القرار".
علماً أنَّ ريتا كانت قد تقدّمت بدعوى لدى القاضي منذ نحو شهر ونصف عبر وكيلتها المحامية مريم الشامي لحماية ابنها وحمايتها من العنف الأُسري وبطلب لمُشاهدة الطفل وإسقاط الحضانة أو رؤيته لثلاثة أيام (جمعة، سبت، أحد)، وفق ما تقول الشامي لـ "الأخبار".
قرار القاضي كان مُخيباً لريتا التي لم ترَ ابنها منذ نحو شهرين ونصف. وبحسب رواية الأم، فإن الأخيرة كانت تتعرّض لعنف جسدي ومعنوي كبير، الأمر الذي دفعها إلى طلب الطلاق الذي حصل عبر أحد المشايخ، لا عبر المحكمة الجعفرية.

استغرق قضاء العجلة شهراً ونصف شهر لبتّ الدعوى

وسعياً إلى تأكيد طلاقها وتحصيلها للمهر، تقدّمت ريتا منذ نحو ثلاثة أشهر لدى المحكمة الجعفرية بدعوى إثبات طلاق وتسليم مهر. حتى الآن، لم تبتّ المحكمة الدعوى، وفي ظل المماطلة "المُنتهجة" من قبل المحكمة، وكـ "ردّ فعل" على إقدام ريتا على هذه الخطوة، بدأ طليقها بـ "ابتزازها" بابنها لإسقاط الدعوى. كذلك قام "بمنعها من رؤيته نهائياً ومنع التواصل معها هاتفياً"، فما كان من ريتا إلا أن توجهت إلى منزل طليقها لرؤية ابنها "بناءً على اتفاق صلحة"، وفق ما تروي ريتا في اتصال مع "الأخبار". تقول ريتا: "ضُربت وطفلي على يدي من قبل أهله وشُتمت وطُردت وتبين أن وعد الصلحة وهم"، فيما يذكر نص الشكوى المُقدّمة أمام القاضي مزهر أنَّ المُستدعية (ريتا) "استحصلت على تقرير طبي يُثبت حالتها، وتقدمت بادعاء ضدّ المُستدعي بوجهه أمام مخفر تبنين بموجب المحضر رقم 302/25 تاريخ 1/5/2017 ما زال قيد النظر مع النيابة العامة الاستئنافية في النبطية".
تقول الشامي في اتصال مع "الأخبار"، إنها بصدد إعداد استئناف القرار "المُجحف" بحق الأم، مُشيرة إلى أن الشرع والقانون كرّسا للطفل حق مُشاهدته أمه. تُثير الشامي مسأل "تشابك" القضاء الشرعي والقضاء العدلي في قضايا كهذه، لافتة إلى ضرورة أن تبقى الأمور الحياتية والمُجتمعية من صلاحية القضاء العدلي. كذلك، تُثير الشامي مسألة التوجه الكبير لدى قُضاة العجلة لاعتبارهم أنَّ هذه القضايا "ليست من صلاحياتهم، بل من صلاحية القضاء الشرعي"، وأنَّ هذه الأحكام التي يُصدرونها ليست إلا "محاولة لإرضاء الحركات النسوية".

تستند الدعوى إلى قانون العنف الأسري
وللتذكير في هذا الصدد، فإن الدعوى المُقدمة من الأم تؤكد أن الطفل مُصاب بأذى نفسي نتيجة سلخه عن أمه؛ هذا الأذى تمظهر بالتبول الدائم والاكتئاب، فضلاً عن "سوء المعاملة" (وفق ما يرد في الشكوى)، ما يعني أن قضاء العجلة، وسنداً لأحكام مواد قانون العنف الأسري، لديه الصلاحية لحماية جميع أفراد الأسرة من العنف المعنوي والأفعال التي تؤدي إلى الأذى النفسي.
تشكو ريتا بحسرة "مماطلة المحاكم وتمنّعها عن إنصاف الأمهات"، وتقول إنَّ "قاضي العجلة استغرق شهراً ونصف شهر ليحكم لي بأن أرى ابني 3 ساعات فقط!"، مُشيرة إلى أنها لن تتنازل عن حضانتها لابنها، و"لو كان الشرع المعتمد من قبل المحكمة الجعفرية يعطي الحضانة للأب"، وتُضيف: "ابني عمره 4 سنوات، هو بحاجتي ولا أريد أن أخذله، وعدته في آخر مرة أنني سآتي إليه لينام في قلبي، وسأحارب كي أُنفّذ وعدي"، مُتسائلة: "هل يقبل القاضي، وهو ليس طفلاً، أن يُحرَم أمه؟".
قبل ريتا، كانت قضية فاطمة التي سُجنت بسبب رفضها التخلي عن حضانة ابنها؛ حتماً هناك مئات الأمهات الأخريات اللواتي يعانين من قوانين الحضانة الشرعية والروحية في لبنان. هذه القوانين تنطلق من معاندة حقوق الطفل وتكريس الأخير كأدة لفرض السلطة الذكورية والدينية ضمن العائلة.