بعد نحو 3 سنوات على طرح مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب على الهيئة العامّة لمجلس النواب، يعود المشروع إلى اللجان النيابية المشتركة مجدداً، إذ تنعقد جلسة، قبل ظهر اليوم، كجزء من "الإخراج" الذي جرى في مجلس الوزراء لاستبعاد اعتمادات السلسلة وزيادة الضرائب على المصارف والعقارات من مشروع قانون الموازنة لعام 2017.
بالتزامن مع هذه الجلسة، تنفذ رابطة أساتذة التعليم الثانوي إضراباً ليوم واحد، اليوم، كما تنفّذ اعتصاماً، عند العاشرة والنصف، في ساحة رياض الصلح، والمفارقة أن إدارات الثانويات في بعض المناطق، ولا سيما في الجنوب، عممت على الأساتذة فيها تعميماً بنص موحّد يدعو إلى الحضور إلى مقر العمل والتوقيع على جداول الحضور بحجّة "التبرير القانوني"، على أن يداوم كل أستاذ لا يرغب في المشاركة في الاعتصام المركزي، أما من يرغب فـ"النقل مؤمن"، مع عبارة "يُفضل مشاركة الجميع دون استثناء".
يتناقل أساتذة معلومات عن رغبة حركة أمل في الحشد للاعتصام والضغط على الأساتذة للمشاركة من أجل إظهار "جدّيتها" النقابية في رئاسة رابطتهم بعد انتخاب نزيه جباوي رئيساً. إلا أن أساتذة كثراً من انتماءات مختلفة يصرون على أن التحرّك المقرر لا يعكس حجم «الغليان» الذي ظهر في توصية مجالس المندوبين في كل المحافظات، أي التوصية بالإضراب المفتوح، وهو ما تتحاشاه الرابطة حتى الآن.
بحسب الأستاذ الثانوي يوسف كلوت، «لا سبيل سوى التصعيد المفتوح الآن لانتزاع تعديل مشروع سلسلة الرتب والرواتب بما يحفظ للأساتذة الثانويين حقوقهم وفئتهم وموقعهم الوظيفي، إذ بعد خمس سنوات من التحركات لا بد من الذهاب إلى الإضراب المفتوح وبسرعة ومن دون تراجع». في حين ترى الأستاذة نور جرادي أن "الواجب يقتضي الاعتصام أمام رابطة التعليم الثانوي لحثّها على اتخاذ خطوات فاعلة لا خطوة هزيلة تضر ولا تنفع". وتلفت الأستاذة زهراء قطيش إلى أن "أساتذة الثانوي لا يريدون الانضواء تحت لواء السياسة فيما يختص بالحقوق المسلوبة والمنتهكة. فلمَ المهادنة لسلسلة مغتصبة لحقوقنا؟". أما الأستاذ فراس حريري فقال: «لا أمثّل سوى نفسي، لن أشارك في أية خطوة تقلّ عن الإضراب المفتوح، الإضراب ليوم أو ليومين لا جدوى منه إلا التحذير. وقد نفّذنا إضراباً تحذيرياً، فهل ننتظر "دخول السبت في..." حتى نتحرك؟».
هذه العينة من المواقف التي تواجهها الرابطة، تردّ عليها الرابطة بالقول: «لم يَحن الوقت بعد للإضراب المفتوح لكون الأبواب لم توصد في وجهنا بعد». فرئيس الرابطة نزيه جباوي رأى في اتصال مع «الأخبار» أن «التصعيد المفتوح يكون آخر الدواء عندما تُسدّ كل المنافذ، لكن اليوم لا زلنا نجري مروحة من الاتصالات واللقاءات، والأجواء إيجابية، إذ نلمس أنّ هناك إقراراً من المسؤولين بأن أرقام السلسلة المطروحة ليست نهائية، وهناك إمكانية لتصحيحها في اللجان المشتركة، ودعوتنا إلى الإضراب ليوم واحد هو بالضبط لتظهير الموقف». من جهته، اعتبر أمين الإعلام أحمد الخير أنّ الإضراب المفتوح هو قمة العمل النقابي ولا نستطيع أن نبدأ به بل علينا وضع خطة متدحرجة، مشيراً إلى أن الاثنين (اليوم) سيكون يوماً مفصلياً للحقوق باعتبار أن السياسيين الذين التقيناهم تفهموا المظلومية التي لحقت بنا».

الأساتذة الثانويون: توحيد الملاكات
يجب أن يشمل
التعليم الجامعي


وكانت الرابطة التقت وزير التربية مروان حمادة والنائبين ابراهيم كنعان وجورج عدوان. ونقلت مصادر المشاركين عن حمادة قوله إن «الوزير تبنى ما نريد ووعد بأن يكون محامي الدفاع عن الأساتذة». كما نقلت عن عدوان أن هناك توجهاً لتعديل أرقام السلسلة في اللجان المشتركة والإيحاء بزيادة 700 مليار ليرة لبنانية على الرقم الإجمالي المرصود في احتياطي الموازنة (1200 مليار)، وتمييز أستاذ التعليم الثانوي بدرجة واحدة عن معلم المرحلة الأساسية الذي يبدأ خدمته عند الدرجة 15. وبحسب المصادر، قال كل من حمادة وعدوان لوفد الرابطة «الإضراب لا يقدم ولا يؤخر ولا يغيّر في قناعات السياسيين».
إذا، انطلقت رابطة الأساتذة الثانويين في تحرّك مستقل عن هيئة التنسيق النقابية، ولم يعد ممكناً الحديث عن وحدة الهيئة في ظل افتراق المطالب بين مكونات الهيئة، وتركيز الثانويين على مطلبهم الرامي إلى الحفاظ على موقعهم الوظيفي، وهو مطلب لا يؤيده أساتذة التعليم الأساسي وموظفو الإدارة العامة.
ما هو الموقع الوظيفي لأستاذ التعليم الثانوي الرسمي؟
بالنسبة إلى الأساتذة الثانويين، يقوم الموقع الوظيفي على الثالوث الآتي:
أولاً: عدم المس بزيادة الـ 60 % التي نالها الأساتذة بموجب القانون 66/53 لقاء الزيادة في ساعات العمل وأدرجت في وقت لاحق في أساس الراتب، والتي طارت بالقانون 717 الذي دمج التعويضات، ثم عاد الأساتذة واسترجعوا منها 6 درجات في تحركات نفذوها في عام 1999 و4 درجات ونصف في تحركات 2010، وبقيت هناك درجتان ونصف ينتظرونها كما يقولون، مشيرين إلى أنّ السلسلة المطروحة تضرب هذا الحق لكونها تعطيهم فقط 13 %.
ثانياً: الحفاظ على 10 درجات، هي الفارق القديم بين أستاذ التعليم الثانوي والمدرس في التعليم الأساسي والمتعلق بالفئات الوظيفية، فالأول ينتمي إلى الفئة الثالثة والثاني إلى الفئة الرابعة، إلا أن القانون 223 الصادر في نيسان 2012 عيّن معلم «الأساسي» عند الدرجة 15 أي في الدرجة نفسها التي يعيّن فيها أستاذ التعليم الثانوي. لذا أعد الأساتذة مشروع قانون يعينهم عند الدرجة 25. وبينما ينادي معلمو الأساسي هنا بالملاك الفني الموحد من الحضانة وحتى نهاية التعليم الثانوي الرسمي، يرفض الأساتذة الثانويون هذا الطرح على خلفية «إذا كان لا بد من توحيد الملاكات فليكن من الحضانة وحتى التعليم الجامعي الرسمي (الجامعة اللبنانية) ضمناً، والربط يكون عادة مع الأعلى».
ثالثاً: تقليص الفارق إلى 6 درجات مع أستاذ الجامعة اللبنانية، كما كان قديماً، بعدما وصل اليوم إلى 52 درجة، مع حصول الأستاذ الجامعي على سلسلة خاصة به.
التيار النقابي المستقل، وهو تجمع معارض في رابطة الأساتذة الثانويين تحديداً، يوضح أن «الموقع الوظيفي لوحده لا يمنحنا كل الحقوق، إذا لم يكن متلازماً مع السلسلة العادلة التي يجب أن تعطينا ما تبقى من الـ121 %، أي 75 %، فالتعيين عند الدرجة 25 وإعطاؤنا 10 درجات، يعني فقط 33 % بما أنّ قيمة الدرجة هي 3.3 %». يذكر أن السلسلة المطروحة تعطي الأستاذ الثانوي في الملاك والتقاعد زيادة تبلغ 13 % فقط، أما الحديث عن إضافة 6 درجات (20 %) فكان وعداً شفهياً غير منصوص عليه في مشروع اللجنة النيابية الفرعية الثانية برئاسة جورج عدوان. بمعنى آخر، النسبة التي يحصل عليها الأساتذة بالتعيين عند الدرجة 25 هي نفسها سلسلة عدوان زائداً 6 درجات.