لم يعد باستطاعة رئيس الحكومة سعد الحريري غضّ الطرف عن حالة التراجع التي أصابت تيار المستقبل في مناطق البقاع الغربي والأوسط، وسط الترهل الكبير في البنية الحزبية والشعبية للتيار.
هي جملة أزمات يعاني منها التيار في البقاع: شبه غياب لقياديي المستقبل ونوابه في المنطقة، شحّ مالي وانحسار للمشاريع الإنمائية والخدمات، أزمة بيع مؤسسات الحريري إلى متموّلين بقاعيين، فضلاً عن الانقلاب السياسي الذي قام به رئيس الحكومة في مرحلة الانتخابات الرئاسية ووجود اعتراضات في القاعدة الشعبية للتيار عليه، بعد سنين من التحريض والتوتير الطائفي والمذهبي. كل هذه العوامل، تضاف إليها شهية الوزير السابق أشرف ريفي المفتوحة على البقاع، تدفع برئيس الحكومة إلى التركيز على المنطقة مجدّداً، والعمل على «لملمة الوضع»، عبر تكليف مدير مكتبه نادر الحريري بمتابعة الملفّات البقاعية عن قرب.

رئيس الحكومة
كلّف مدير مكتبه بمتابعة البقاعين الأوسط والغربي


وتقول مصادر مستقبلية إن «الحريري أشار إلى أحد معاونيه قبل فترة لاستطلاع الوضع في البقاع عن قرب»، وكانت النتيجة «إقرار بتراجع كبير للتيار في البقاعين». ولم يتاونَ نادر الحريري عن تنفيذ رغبة رئيس الحكومة، فرتّب لقاءً على عجل قبل يومين مع رؤساء اتحادات البقاع الأوسط والغربي ورؤساء بلديات، غالبيتهم من القرى التي يعتبرها المستقبل خزاناً شعبياً له، بهدف مناقشة الواقع الاجتماعي والانمائي والمشاريع الممكن تنفيذها في هذه البلدات، بما يساعد على عودة القوّة إلى جسم التيار وشعبيته. وفيما استمع الحريري إلى آراء بعض الحاضرين ونقدهم لقياديين في التيار، لفتت مصادر المجتمعين إلى أن «الحريري طمأن بأن التعيينات الادارية جارية وللبقاع حصة منها»، مشيراً إلى «العقيد خالد حمود ابن بلدة سعدنايل، الذي سيعيّن خلفاً للعميد عماد عثمان رئيساً لشعبة المعلومات». وسمع الحريري نقداً لاذعاً للأمين العام للتيار أحمد الحريري بسبب «غيابه عن المنطقة، وغياب الوعود الخدماتية والانمائية التي كان يمطرها على البقاع في لقاءاته واحتفالاته السابقة»، فما كان من نادر الحريري إلّا أن حسم الأمر: «أنا سأتابع كل شيء معكم».
ولم يغب عن الاجتماع الحديث عن «ترتيب البيت السنّي»، وتمنيات بعض رؤساء البلديات استكمال المصالحة مع الوزير السابق عبد الرحيم مراد بتحالف انتخابي، فردّ الحريري بأن «جميع الاحتمالات مفتوحة». في المقابل، لم يكد يمرّ سؤال أحد الحاضرين عن مصالحة محتملة بين المستقبل وريفي، حتى قاطع الحريري سائليه، مؤكّداً، بحسب مصادر شاركت في الاجتماع، أن «هذا الموضوع مقفل إلى أجل غير مسمى». وعمّا إذا كان قبول تيار المستقبل بقانون مختلط، نسبي وأكثري، يعتبر «تنازلاً» للتيار عن مواقفه السابقة، «طمأن» نادر الحريري إلى أنه «لو رأينا أن هذا القانون يضرّ بنا ويحجّمنا، فمن المستحيل أن نمشي به». غير أن الحريري، خلال الاجتماع، لم يخفِ استغرابه من تحوّل جلسة بين مدير مكتب رئيس الحكومة ورؤساء اتحادات بلديات وبلديات للحديث عن خطة عمل لتقوية تيار المستقبل وواقع البقاع الإنمائي والخدماتي، إلى جلسة «طلبات» شخصية لبعض الحاضرين، لا تتعدّى نقل عسكريين من قطعة إلى أخرى، والمطالبة برخص سلاح ورخص «فيميه» للسيارات!
قد يكون سبب «الصحوة» الحريرية تجاه البقاع منطقية في ظلّ أزمات التيّار، إلّا أن مصادر من داخل التيار تؤكّد لـ«الأخبار» أن السبب الأوّل للاهتمام المستجد هو «اكتشاف الحريري جديّة ريفي في العمل بقاعاً، ونيّته إقامة مهرجان يعمل مناصروه على تأمين صالة تتسع لأكثر من 5 آلاف شخص لإقامته»، فضلاً عن نيّة الوزير السابق المتمرّد على المستقبل، دعم ترشيح عدد من البقاعيين في الانتخابات النيابية المقبلة.