عام 2009، فشل المرشح عن الحزب القومي في المتن الشمالي غسان الأشقر في الفوز بأحد المقاعد المارونية الأربعة، رغم ترشحه على لائحة التيار الوطني الحر. الفارق بينه (46165 صوتاً) وبين النائب سامي الجميل (47698 صوتاً) كان ضئيلاً.اليوم، يستعد حزب أنطون سعادة لخوض الانتخابات المقبلة الى جانب التيار الوطني الحر والطاشناق.

ومنذ نحو شهر، فتح باب الترشح، فبدأ الطامحون الى النيابة يقدمون ترشحاتهم الى رئيس الحزب الذي يفترض أن يرفعها الى المجلس الأعلى ليبتّها حتى تصبح نافذة. في المتن الشمالي، تقدّم حتى الساعة مرشحان هما: قيصر عبيد وفادي عبود. وما إن انتشر خبر ترشح عبود عن الحزب القومي حتى بات السيرة الأبرز على لسان القوميين حول أحقية تمثيله لهم. فالأخير انتسب الى الحزب في السبعينيات ونشط فيه لفترة قصيرة في مديرية بيت شباب، قبل أن يغيب طويلاً ليطلّ مجدداً من نافذة التيار الوطني الحر وزيراً من حصة تكتل التغيير والإصلاح في حكومة الرئيس سعد الحريري قبل سبع سنوات. وهو ما وضع انتماءه الحزبي في دائرة الشك، ولا سيما أنه غير فاعل حزبياً ولم يتدرج في العمل الحزبي كما النائب السابق غسان الأشقر، على سبيل المثال، والمرشح قيصر عبيد.

عبيد: الأولوية لغسان الأشقر والتجيير غير وارد لأن الحزب ليس شركة

الأخير يرى أن له أحقية الترشح تماماً كما يحق لأي حزبي تقديم ترشحه الى النيابة، «ما عدا فادي عبود. إذ لا يكفي أن يكون الوزير السابق قومياً بالتفكير حتى يتبناه الحزب، وإلا يخلق ألف مرشح من محبّي سعادة والمؤمنين بفكره». ويجدر بسجل المرشح أن «يكون مناضلاً ضمن مؤسسات الحزب ومسدداً لاشتراكاته المالية ولم يتغيب عن اجتماعات المديرية أكثر من 3 مرات، فيما عبود ترك الحزب في أواخر السبعينيات وما عاد حدا يعرف وين راح فادي». أما مفوض الإعلام في الحزب القومي معن حمية فيكتفي بالتأكيد أنه سيكون للحزب مرشح حزبي.
يقارب عبود المسألة من وجهة نظر أخرى، مشيراً لـ»الأخبار» الى أنه انتسب الى الحزب القومي سنة 1971 بإذن خاص كونه لم يكن قد بلغ سن الـ 16 بعد. وفي عام 1975 ترك لبنان. «أعترف بأنني لست رجلاً حزبياً ولا أحضر الاجتماعات الروتينية ولست عضواً فاعلاً، لكنني لم أتقدم باستقالتي من الحزب القومي ولم أخرج يوماً عن فكر سعادة وتعاليمه». ويرد على أصحاب نظرية أن القومي «لن يفضل صديق الحزب ورجل التيار الوطني الحر على الحزبي الفاعل» أنه غير منتسب الى التيار، وفي النهاية «القرار بعهدة قيادة الحزب وسأحترمه».
ولكن كيف لوزير سابق في تكتل التغيير والإصلاح أن يصبح مرشح الحزب السوري القومي الرسمي الى النيابة، ألا يشكل ذلك استفزازاً للقاعدة الحزبية؟ «لا يزعجني توصيف صديق الحزب، خدمت سابقاً كوزير من ضمن اقتناعاتي بفكر سعادة، واليوم هناك تحالف بين القومي والتيار. والأهم أن الانتخابات ليست لعبة وستترتب مسؤولية على الحزب ومسؤوليه في آخر النهار إن لم ينجحوا مرة أخرى في المتن الشمالي، وستكون الخسارة بمثابة خطأ تاريخي. فالقومي لا يملك ترف تسمية المرشح الذي يريده، بل يفترض به أن يعطي الأفضلية لمن يثبت نفسه الأقوى في استطلاعات الرأي».
وفيما يتوافق الجميع حول الأحقية التي يتقدّم بها «الأمين غسان الأشقر» على سواه من المرشحين، وبالتالي لا مرشح آخر سواه في حال أراد خوض الانتخابات النيابية مجدداً؛ يروّج البعض أنه جيّر ترشحه لقريبه عبود (حاولت «الأخبار» التواصل مع الأشقر، لكن دون جدوى). إلا أن عبيد ينفي ذلك، مؤكداً أن الحزب ليس شركة، وبالتالي موضوع التجيير غير وارد نهائياً، فضلاً عن أن «الأمين غسان مشهود له بوعيه والتزامه وهو لن يقدم على عمل مماثل أبداً». وبالمناسبة، لعبيد تاريخ طويل في الحزب القومي وقد تدرّج في العمل النضالي من مفوض الى مدير الى منفذ عام الى عميد لأكثر من 14 سنة الى أمين. وهو كان أول مهندسي العلاقة مع التيار الوطني الحر والمكلّف بالتنسيق مع بكركي والأحزاب المسيحية، وتسلم أخيراً مسؤولية إدارة المفاوضات مع التيار عقب تشكيل الحكومة. يقول عبيد لـ»الأخبار» إن الأولوية في الحزب «للأمين غسان (الأشقر)، فهو عضو في المجلس الأعلى وناشط في العمل السياسي وصاحب رؤية ويتحدّر من عائلة مناضلين. ولكن إن لم يكن غسان طامحاً للترشح مجدداً، وهو لم يتقدم بترشحه حتى الساعة، فالأولوية للحزبي المناضل الذي يمارس عضويته بشكل فاعل فقط». ويهم عبيد التشديد على أن الحزب يتمسك بالمقعد الماروني في المتن، ومن الصعب أن يستبدله بمقعد آخر هو الذي تمكن عبره من هزيمة آل الجميل مرات عدة». هل سيتحالف القومي إذاً مع القوات حليف التيار الوطني الحر؟ «تحالفنا في الانتخابات البلدية ولا يهمنا حليف حليفنا. بيننا خصومة سياسية، لكن ذلك لا يمنعنا من التحالف طالما وقّع القوات وثيقة تفاهم تقول إن اسرائيل عدوّ».
ليس عبود وعبيد المرشحين الوحيدين على قائمة القومي. إذ لا يزال العديد من المرشحين المتنيين ينتظرون إقرار قانون الانتخابات لتقديم طلباتهم، ومنهم النائب السابق أنطون خليل ونجيب خنيصر (كاثوليكي) وريشار رياشي (كاثوليكي). فهناك من يرى أن سجالاً حادّاً سينشب حول المقاعد المارونية الأربعة في المتن الشمالي نظراً الى أن كلاً من القوات والكتائب والقومي يطالب بمقعد ماروني، ما يترك مقعداً واحداً شاغراً للتيار الوطني الحر وهو ما يستحيل قبوله عونياً. أحد السيناريوات يقول بمقايضة المقعد الماروني بكاثوليكي أو أرثوذكسي، فيما السيناريو الثاني يطرح عدم تبني مرشح قواتي على اللائحة واعادة تكرار مشهد 2009 بلائحة مماثلة تتبنى قومياً، لكنها تترك ضمناً المقعد شاغراً للنائب سامي الجميل بالتوافق مع التيار الوطني الحر وبكركي. أما السيناريو الثالث، فلا يقيم اعتباراً لكل ما سبق، في حال إقرار قانون انتخابي جديد يعتمد النظام النسبي.