قررت جمعية المصارف زيادة وتيرة ضغوطها لإسقاط أي اقتراح ضريبي يستهدف أرباح المصارف الطائلة. أمس، عقد مجلس إدارة الجمعية اجتماعاً استثنائياً في مقرّه، وناقش المقترحات الضريبية المدرجة في مشروع موازنة عام 2017، التي تصيب المصارف، وقرر رفع مذكّرة في هذا الخصوص إلى "السلطات المختصة"، كذلك قرر تكثيف الاتصالات مع المسؤولين المعنيّين لـ"معالجة الموقف".
وقالت الجمعية في بيان صادر عنها "إن لبنان يعاني منذ سنوات تباطؤاً مطّرداً في نموه الاقتصادي، لذا من الطبيعي أن تكون مسألة تحريك عجلة الدورة الاقتصادية في مقدّمة اهتمامات السلطات الرسمية والهيئات الاقتصادية وسائر المواطنين. وهي تتطلّب جهوداً لا بدّ أن تأخذ وقتها لتثمر، ما يجعل من أيّة أعباء ضريبيّة جديدة في هذه المرحلة المأزومة إجراءً ذا انعكاسات سلبية أكيدة على تعزيز النمو المستهدف وعلى تدفّـق الاستثمارات الخارجية ورصيد ميزان المدفوعات واستحداث فرص عمل للشباب، وبالتالي على مستوى معيشة المواطنين". وأضاف البيان: "إن جمعية المصارف، إذ تنبّه من المخاطر التي قد تنجم عن مشروع موازنة عام 2017 والضرائب الجديدة المقترحة فيه، والتي تناول بعضها القطاع المصرفي بصورة انتقائية، سوف ترفع للسلطات المختصّة مذكّرة في هذا الخصوص وتجري اتصالات مكثّفة مع المسؤولين المعنيّين لمعالجة الموقف".
في الواقع، عبّر المشاركون في الاجتماع عن رفضهم لزيادة الضريبة على ربح الفوائد من 5% إلى 7%، ورفع الضريبة على أرباح شركات الأموال من حدّ أقصى يبلغ 15% إلى 17%، وزيادة معدّل الضريبة على توزيعات الأرباح على المساهمين في الشركات... إلا أن المواقف الحادّة تركّزت على الاقتراح الوارد في مشروع قانون الموازنة الرامي إلى إلغاء حسم الضريبة على ربح الفوائد من ضريبة الأرباح، فالمعروف أن القانون نص على السماح للمصارف بتنزيل قيمة هذه الضريبة المسددة عنها من الضريبة على الأرباح، وهو ما يشكّل إعفاءً من نحو 150 مليون دولار من الضرائب المتوجبة على المصارف للخزينة العامة.
بحسب مصادر مصرفية، قرر المصرفيون تمويل حملة ضد أي إجراء ضريبي يطاول أرباحهم، التي تجاوزت فعلياً في العام الماضي نحو 8 مليارات دولار، من ضمنها نحو 6 مليارات دولار نتجت من "الهندسة المالية" التي أجراها مصرف لبنان ودرّت أرباحاً استثنائية أُضيفت إلى نحو ملياري دولار من الأرباح السنوية المتكررة.
يرفض المصرفيون زيادة الاقتطاعات الضريبية منهم بالمطلق، إلا أن قرارهم بتصعيد ضغوطهم وتكثيفها جاء في ضوء "تهديد" لهم بإلغاء قرار صادر عن وزير المال فؤاد السنيورة في عام 2003 أعفى الفوائد المحققة من سندات الدين بالعملات الأجنبية (يوروبوندز وشهادات إيداع يصدرها مصرف لبنان) من موجب تسديد الضريبة على ربح الفوائد، إذ إن القانون الذي فرض هذه الضريبة لم يميّز إطلاقاً بين الفوائد المحققة على توظيفات بالليرة أو بالعملات الأجنبية. كذلك جاء قرارهم بالتصعيد في ضوء المعلومات عن طرح بعض الوزراء (منهم وزراء القوات اللبنانية) فرض ضريبة استثنائية لمرّة واحدة على الأرباح التي حققتها المصارف من "الهندسة المالية".
المفارقة أن إحدى أدوات المواجهة التي اختارتها جمعية المصارف هي إعداد مذكرة تتهم من يطرح إجراءات ضريبية تصيب أرباح المصارف بأنه يخالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور. تخيّلوا أن مصرفيين ومودعين كباراً يستأثرون بأكثر من نصف ثروة اللبنانيين يطالبون جهاراً بمساواتهم الضريبية مع الفقراء والعاجزين عن إيجاد فرصة عمل أو رغيف خبز أو مستشفى يستقبلهم!