بحسب تصريح له في 23 من الشهر الماضي، يبدو أن وزير العدل السابق أشرف ريفي حسم أمرَه بخوضِ الانتخاباتِ النيابية في إقليم الخروب، ومحاولةِ فرضِ نفسِه زعيماً سُنّياً في هذه المنطقة التي جاهرت بولائها لتيار المستقبل. لكن واقعياً، تصطدم محاولته منافسة المستقبل على «عرشِ» الإقليم بعدم وجود قاعدة شعبية واضحة له.
فحتى اللحظة، لم تظهر حالة «ريفيّة» في الإقليم، باستثناء عدد بسيط من الشُّبان الموالين للواء السابق. أما تيار «المستقبل»، ورغمَ تراجعِ حجمِ تأثيره الذي برزَ في انسحابه من الانتخابات البلدية الأخيرة في الإقليم، فلا يزال يحافظ على قوته في هذه المنطقة تبعاً لما لديه من أرضيةٍ شعبيةٍ وسياسية وخدماتية من جهة، وخلفيةٍ مذهبية من جهةٍ أخرى. يرفض مسؤولو «المستقبل» الخوض في نقاش حول ما أعلنه ريفي مكتفين بالكلام العام. ويقول عضو كتلة «المستقبل» النيابية محمد الحجَّار في اتصالٍ مع «الأخبار» إنَّ «الناس تحدِّد خياراتها ويحقُّ لأيِّ شخصٍ الترشح للانتخابات النيابية».

برزَت أصواتُ ناشطين تطالبُ بجعلِ
الإقليم دائرةً واحدةً منفصلة عن الشوف

في المقابل، يقول ريفي لـ»الأخبار» إنَّ «الصوت السني في إقليم الخروب هو صوتٌ وازنٌ وليس حاسماً»، وخطته تقضي بأن تقوم فاعليات كل منطقة سيخوض فيها الانتخابات «باختيار مجموعة من الأشخاص لديهم توجه سياسيّ يجاري توجهاتنا، على أن نوفّر لهم الغطاء السياسي»، لافتاً إلى أنَّ «المرشحين مسؤولون عن المعركة الانتخابية وعن المال الانتخابي والحملات الإعلانية والإعلامية». لكن ريفي لم يكشف اسم أيِّ مرشّح قد يكونُ مفتاحاً لتأكيدِ نيَّته خوض الانتخابات في الإقليم، نافياً ما تمَّ تداوله أخيراً عن اختيار رئيس بلدية برجا السابق سلام سعد ليكون على رأسِ لائحته «المفترضة».
حراك ريفي الانتخابي يقضي بعقد تحالفاتٍ سياسية تبعاً لقانون الانتخاب. وأي لائحة سيدعمها ستكون أمامَ أحزابٍ عديدة؛ أولها الحزب التقدمي الاشتراكي والجماعة الإسلامية والحزب الشيوعي. بالنسبةِ إلى العلاقة مع «الاشتراكي»، فإنَّ قرار ريفي حاسم: «لا مواجهة معه في أي دائرة انتخابية، ووليد بيك عزيزٌ علينا، وسنكون إلى جانب الطائفة الدرزية». أمَّا العلاقة مع بقية الأحزاب، فتحدِّدها «لجنة الفاعليات في المناطق والتي ستتشكل بناءً على اتصالاتٍ قائمة». ويؤكِّد ريفي عدم معرفته بالمنطقة، وبذلك فإنَّ الدخول في أيِّ مواجهةٍ سياسية تفرضها الانتخابات ليسَ بالأمر السهل.
المرشح السابق للانتخابات النيابية عن المقعد السني في الشوف الدكتور الياس البرَّاج يعتبر أنَّ «من حق ريفي وغيره التواجد سياسياً وانتخابياً على أيِّ بقعةٍ لبنانية إن كان يستطيع ذلك، لكن مشكلتنا هي اعتبار الآخرين أن إقليم الخروب ما زال قاصراً ويجب أن يبقى ملحقاً هنا أو هناك». وأكد البرَّاج لـ»الأخبار» أنَّه «في جميع الأحوال، على ريفي أن يكون أكثر تأنياً في خطوته، وأن يكون على علمٍ ودرايةٍ بإقليم الخروب وموقعه، وخصوصاً أن شرائح كثيرة من الناس أصابها الإحباط من الإتجار بالسياسة والطائفة».
في غضونِ ذلك، برزَت أصواتُ عددٍ من الناشطين في إقليم الخروب تطالبُ بجعلِ الإقليم دائرةً واحدةً منفصلة عن الشوف في الانتخابات المُقبلة. يؤكد البرَّاج أنَّ «مطالبة النائب وليد جنبلاط المستمرة بإلحاق الإقليم والشوف مع عاليه تؤجِّج هذه الحساسيات»، مطالباً بـ»الخروج من الدوامة الطائفية والمذهبية، ليكون الاتجاه إلى العدالة والمساواة في التمثيل وإلى النسبية الكاملة، سواء على أساسِ لبنان دائرة واحدة أو دائرة موسَّعة، بما يعطي الحجم التمثيلي الحقيقي لكلِّ الزعامات التاريخية، ويفتح في الوقت نفسه الباب لتمثيل القوى والفئات المحرومة من التعبير البرلماني، ومن هؤلاء كثيرون في إقليم الخروب».