بدأ صدى الخلاف حول قانون الانتخاب واحتمالات دخول البلاد في أزمة مفتوحة، ينعكس توتّراً في بعض المناطق، خصوصاً في ظلّ التصعيد السياسي المتبادل بين جمهورَي كل من الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحرّ.وفيما تزداد الصعوبات أمام إمكان الوصول إلى اتفاق على قانون الانتخاب في وقتٍ قريب وسقوط كافة الصيغ التي طرحت في اللقاءات الثنائية والرباعية في الأسبوع الماضي، طمأن الرئيس ميشال عون أمس إلى أنه «لا داعي للخوف من النقاش الذي يرافق البحث في القانون الانتخابي العتيد»، مؤكّداً أمام وفدٍ من «تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين في العالم» أن «الانتخابات ستتم ويتابع لبنان مسيرة النهوض التي بدأها قبل ثلاثة أشهر».
وعلى الرّغم من الأجواء السلبية التي تطفو على سطح النقاش السياسي والإعلامي، إلّا أن طمأنينة رئيس الجمهورية تعكس ما أكّدته مصادر رسمية لـ«الأخبار» عن أن «هناك تفاهماً جرى بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، ووفق قانون جديد».

وقالت المصادر إن «رئيس الجمهورية تلقى عدة رسائل من رئيس المجلس النيابي، يؤكد فيها الأخير توافقه مع عون على ضرورة العمل بنظام الاقتراع النسبي»، وأنه «شدد على وجود توافق أصلي على مشروع القانون الذي أعدّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ويصلح ليكون خيار الحكومة الحالية، ولو مع بعض التعديلات».

استبعد المشنوق أن تتمكن القوى السياسية من الاتفاق على قانون للانتخابات

وتتابع المصادر، أن «كلام برّي يتوافق مع موقف الرئيس عون»، الذي «أكد أنه في ظل تعطيل التفاهم على قانون جديد، سوف يبلغ مجلس الوزراء ضرورة العمل على قانون يعتمد النسبية الشاملة، وأن يجري التفاهم على عدد الدوائر بين 13 (كما وردت في مشروع قانون حكومة ميقاتي) أو 16 دائرة كما يطرح البعض، لأن في ذلك ما يخفف من قلق بعض القوى السياسية»، وعلى رأسها النائب وليد جنبلاط.
وقالت المصادر إن «الرئيس بري أكد تفهمه لموقف العماد عون، وإنه مثله، يشعر بضرورة ممارسة الضغط على الجميع لتحمّل مسؤولياتهم». وقال بري بحسب المصادر، إنه «في حال تعطُّل التفاهم، فهو سيخوض معركة التطبيق الكامل والفوري لاتفاق الطائف بكل بنوده»، وعلى رأسها تأليف هيئة إلغاء الطائفية السياسية، وإجراء الانتخابات خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس شيوخ يُحصر فيه التمثيل الطائفي والمذهبي.
أما من جانب الرئيس عون، فأشارت المصادر إلى أن «القوى السياسية لا تزال تحاول اختبار الرئيس. فعندما حذّر من عدم توقيعه مراسيم دعوة الهيئات الناخية، اعتبروا كلامه مناورة، وعندما لمّح إلى قراره منع حصول الانتخابات، وأنه يفكر في الاستفتاء، اعتبروا خطوته غير دستورية، وعندما أكد استعداده للمضي بعيداً في هذه المعركة، لجأوا إلى حديث عن أن المجتمع الدولي لن يسمح له بمنع حصول الانتخابات».
وفي مقابل توافق عون ـــ برّي، علمت «الأخبار» أن الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع، يُصرّان على إعادة تعويم «القانون المختلط» الذي اتفقا عليه في السابق مع الحزب الاشتراكي، وإضافة بعض التعديلات عليه لجعله مشابهاً إلى الاقتراح الذي قدّمه الوزير جبران باسيل في اجتماعات اللجنة الرباعية. وعلمت «الأخبار» أن زيارة جعجع أوّل من أمس لمنزل الحريري في وسط بيروت بعد زيارته المطران الياس عودة، هدفت إلى مناقشة إعادة تعويم «المختلط».
وفي سياق السّجال حول قانون الانتخاب، شدّد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو بعد لقائه رئيس المجلس السياسي في حزب الله إبراهيم أمين السّيد، على «ضرورة إجراء الانتخابات بالنسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة واحدة». وشدّد السّيد بدوره على مسألة النسبية الكاملة ولبنان دائرة انتخابية واحدة، مضيفاً أنه «حين يلتقي حزب الله مع الحزب القومي تستحضر بشكل سريع القضايا القومية الكبرى والقضايا الاستراتيجية والوطنية لأننا معاً من الأحزاب التي تأسست على استراتيجية كبرى تتعلق بمصير المنطقة».
وبدا لافتاً أمس تشاؤم الوزير نهاد المشنوق حول صعوبة التوافق على قانون انتخاب جديد، مشيراً إلى أن «المعنيين بالمناقشة والمتابعة وبالتفاوض، يقولون إنّ من الممكن التوصل إلى قانون جديد، أما رأيي الشخصي، فإنهم لن يصلوا». كذلك وجّه المشنوق عدّة رسائل إلى رئيس الجمهورية خلال مقابلة تلفزيونية، متمنيّاً عليه «مراجعة موقفه حيال قانون الانتخاب الجديد، انطلاقاً من موقعه»، مشدداً على أنه «لا مكان للعقل الإلغائي في لبنان». وأشار المشنوق إلى أن «رئيس الجمهورية تكلم مرتين عن إجراء الانتخابات في موعدها، بعد أن أتت رسائل دولية واضحة بأن الكلام الآخر هو انقلاب على الاستقرار السياسي وانقلاب على التسوية»، واستكمل كلامه بأن «ما حصل في البلد من خلال انتخاب الرئيس ومن خلال تشكيل الحكومة هو تسوية إقليمية كبرى مدعومة دولياً، فلا يعتقدن أحد بأنه بالصدفة جرى انتخاب الرئيس». وعن إمكان حصول خلاف بين الحريري وعون، قال وزير الداخلية إنه «إذا تعرض هذا التوافق لهزة جدية أكثر مما يحدث الآن، فهذا يعني أن وضع العهد والحكومة ورئيسها سيصبح صعباً». ولم تكد مقابلة المشنوق تنتشر في الإعلام، حتى ردّ الوزير السابق وئام وهّاب بعنفٍ على كلام وزير الداخلية، قائلاً: «إنني لا أعرف ماذا يقصد وزير الداخلية بدعوة الرئيس ميشال عون لإعادة النظر بموقفه من القانون، وهل يقصد بإعطاء ميليشيات المال والهيمنة قانوناً مناسباً؟». وأضاف وهّاب: «لا أعتقد بأن الرئيس بحاجة لنصائح فارغة، وليلتزم الجميع أحجامهم، فعهد الأحجام المنفوخة انتهى والرئيس هو من يُعطي النصائح». وتابع وفد الحزب الاشتراكي جولاته على القوى السياسية، وزار أمس الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي استقبل أيضاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل. وردّ الجمّيل على طرح النائب وليد جنبلاط أول من أمس بتأييده «قانون الستّين معدّلاً»، معلناً رفضه التام للستين، ولو كان معدّلاً، مؤكّداً تفضيل حزبه لـ«الدائرة الفردية، وهي الأنسب بالنسبة إلينا». وانتقد الجميّل بقسوة اللجنة الرباعية، سائلاً إن «كان لبنان قد أصبح مجلس قبائل فليخبرونا»، مشيراً إلى أنه «يجلس 4 أو 5 أشخاص ليتفقوا على مصير البلد، فهذا لم يعد بلد ولا دولة ولا ديموقراطية. أصبحنا في أمر آخر. فليسموه مجلس قبائل ربما يليق أكثر بالبلد أو بالطريقة التي يدار فيها».