قفزة نوعية حققها مرفأ طرابلس، عندما سجّل خلال شهر كانون الثاني الماضي رقماً قياسياً في مداخيله في فترة شهر واحد، هو الأعلى في تاريخه منذ تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي، إذ بلغت إيراداته 3 مليارات و13 مليون ليرة لبنانية، أي ما يقارب مليوني دولار أميركي. يأتي هذا التطور بعدما حقق المرفأ في عام 2016 رقماً قياسياً في إيراداته السنوية بلغت 23 مليار ليرة، بمعدل نموّ وصل إلى 9 في المئة زيادة على عام 2015، وفق ما أكد مدير المرفأ أحمد تامر.
ردّ تامر هذا الارتفاع في الإيرادات إلى "ازدياد عمليات استيراد وتصدير الحاويات عبر مرفأ طرابلس من قبل التجار، بعد تطوير المرفأ وتجهيزه وتعميق حوضه ليصل إلى 15.8 متراً، ما جعله قادراً على استقبال البواخر الضخمة، خصوصاً التي تعمل في مجال نقل الحاويات، والتي وصلت إحداها خلال الشهر الماضي لأول مرّة إلى مرفأ طرابلس".
وأشار تامر إلى أن مرفأ طرابلس "شهد خلال السنوات الثلاث الأخيرة نسب نموّ مستمرة؛ ففي عام 2014 بلغ نموّه 10 في المئة، وفي عام 2015 بلغ نموّه رقماً قياسياً وصل إلى 26 في المئة، قبل أن يبلغ نموّه العام الماضي 9 في المئة".
وأوضح تامر أن "هذا الازدياد في نموّ عمل المرفأ مرشح للارتفاع خلال فترة الأشهر الثلاثة المقبلة، بالتزامن مع وصول المعدات العملاقة والتجهيزات المخصصة للمرفأ، منتصف شهر شباط الجاري، وتركيبها وتشغيلها مطلع شهر نيسان المقبل".
ولأن مرفأ طرابلس بات يشكل نقطة استقطاب رئيسية بالنسبة إلى الشركات الإقليمية والدولية، التي ترى أن المرفأ يعني لها الكثير في ما يخص مشاريع إعادة إعمار سوريا، وأنه يشكل محطة رئيسية وصلة وصل على طريق الحرير بين شرق آسيا وأوروبا، أوضح تامر أن المرفأ "سيصبح جاهزاً بعد استكمال مشروع توسيع المرفأ وتطويره، والذي سيستغرق ثلاث سنوات، والمموّل من قبل البنك الإسلامي بقرض تبلغ قيمته 86 مليون دولار، وأن اجتماعاً مهماً سنعقده لهذه الغاية مع ممثلي البنك في مجلس الإنماء والإعمار في 6 شباط الجاري".
وفي هذا الإطار، نقل تامر عن الخبير الدولي في النقل والاقتصاد البحري في جامعة روتردام الهولندية اليوناني هيراكليس هارلاميديس قوله، خلال محاضرة له في مؤتمر النقل البحري عقد مؤخراً في الكويت، إن "السياسة الدولية المعنية بوضع استراتيجيات خطوط النقل للبضائع الآتية من الصين والهند وشرق آسيا باتجاه أوروبا، أو بالعكس، في إطار ما يعرف بـ"طريق الحرير الجديد"، تعتبر أن مرفأ طرابلس قد فرض نفسه ليكون مرفأً محورياً وواقعاً اقتصادياً أساسياً في خدمة هذا الطريق، وأنه مهيّأ كي يلعب هذا الدور، وأن الشركات العابرة للقارات والمنظمات الاقتصادية الدولية الكبرى باتت تتعامل مع مرفأ طرابلس على هذا الأساس".
غير أن إحداث هذه النقلة النوعية يحتاج إلى أمور أخرى لا تقلّ شأناً عنها، هي ما أشارت إليه توصيات ندوة حول تطوير مرفأ طرابلس عقدت قبل مدة في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في المدينة، دعت إلى "تعديل قوانين عمل مرفأ طرابلس خاصة، والمرافئ اللبنانية عامة، كونها باتت قوانين قديمة لا تتماشى مع التطور الكبير في عمل المرافئ إقليمياً وعالمياً، واقتناع الحكومة اللبنانية بجدية تطوير مرفأ طرابلس، وأن في ذلك مصلحة وطنية عامة، ووجود خطة إنقاذ اقتصادية متكاملة للبلد كله بما فيها مرفأ طرابلس وغيره، وإيجاد آلية تربط بين عمل المرافئ اللبنانية التي لا يوجد أي تنسيق وتعاون بينها، فضلاً عن إنهاء التنافس غير الإيجابي بين هذه المرافئ، ما أثر سلباً على عملها في السنوات السابقة".