أروقة المهنيات الرسمية تضجّ بخبر التعاقد مع 2000 أستاذ جديد في منتصف العام الدراسي. لكنّ أيّاً من الأساتذة أو ممثليهم لم يجرؤ على الاعتراض على الفضيحة، في وقت لا يكفّون فيه عن القول إنهم يشعرون بأن التعليم المهني تابع لقبرص، نتيجة ما يعدّونه تمييزاً متراكماً ضد القطاع والتوجه إلى شطبه من هيكلية وزارة التربية، مقابل استنفار كامل تجاه التعليم الأكاديمي. لكن ماذا فعل الأساتذة لتغيير الصورة؟
ببساطة، ارتضوا بأن يصادر مهندسو الائتلاف الحزبي العجائبي تمثيلهم في الرابطة، وهؤلاء ــ بالمناسبة ــ منصرفون هذه الأيام إلى تقاسم الحصص في ما بينهم عشية الانتخابات، الأحد المقبل. وهل من يذكر اليوم «الهيئة الوطنية المستقلّة لأساتذة التعليم المهني والتقني في لبنان»؟ هو إطار نشأ قبل نحو سنتين تقريباً بهدف كشف حالات الفساد في المديرية العامة للتعليم المهني. يومها، أصدر مؤسسوه بياناً يتيماً قالوا فيه إنّهم سيكشفون "المستور... المعلوم من الجميع"، وسيكونون "العين الساهرة" على التعليم المهني، لإعطاء جميع الأساتذة حقّهم في التثبيت والانتهاء من بدعة التعاقد، منتقدين الصمت المريب الذي تلتزمه الرابطة.
17 سنة مضت على إجراء آخر مباراة تثبيت عبر مجلس الخدمة المدنية، فيما تُحكم العقلية الزبائنية سيطرتها على مسار التعاقد السنوي مع أساتذة جدد بذريعة تشعب الاختصاصات التي باتت تلامس 200 اختصاص، أو بابتزاز الأساتذة العاملين لتقديم الطاعة والهبات.

المدير العام: الهدف من التعاقد امتصاص البطالة!

يتسلح المدير العام للتعليم المهني أحمد دياب، بأن وزير التربية مروان حمادة وقّع حتماً على كل العقود تحت سقف مرسوم أصول التعاقد الذي يسمح له بالتعاقد بـ 4 ساعات كحدٍّ أدنى. يقول إن فتح مدارس ومعاهد مهنية جديدة هذا العام استوجب زيادة عدد المتعاقدين، في حين أن هؤلاء باتوا يتجاوزون 13 ألفاً ، أي 95% من الجسم التعليمي المهني. أما المعاهد الجديدة السبعة فتوزعت كالآتي: ثلاثة في البقاع (بوداي، مجدل عنجر وسحمر)، واحدة في الجنوب (ميمس) وثلاثة في الشمال (الفيحاء، سيدة القلعة وبحيصا ـ عكار). يسارع دياب إلى التأكيد أن توزيع ساعات التعاقد يهدف إلى خلق فرص عمل أكبر للشباب، وهو لن يؤثر في المال العام، لكون الكلفة التي تدفعها الدولة هي نفسها، مع فارق أنه يستفيد من الساعات أكبر عدد ممكن من الشباب. لكن ألا يؤثر ذلك في مستوى التعليم؟ يجيب: «أبداً. هناك شرط أساسي، هو أن يحمل المتعاقد شهادة في الاختصاص الذي يعلمه». وهل كل من يحمل شهادة يستطيع أن يدخل الصف؟ يؤكد دياب أنّه ليس هناك آلية للاختيار سوى المباراة، لكن في انتظار ذلك اعتمدنا قرب سكن الأستاذ من مركز المهنية. ثمة من يقول إنكم تختارون الأساتذة وفق لوائح جاهزة تقدمها القوى السياسية، والتعاقد هو مزراب لتنفيعها؟ يصف دياب هذا الكلام بالأفلاطونيات، وخصوصاً إذا كان المعيار امتصاص البطالة!
يشير دياب إلى أنّ هناك مبالغة في الرقم، فعدد المتعاقدين الجدد لا يتجاوز 1500 أستاذ، منهم 100 أستاذ على الأقل ضباط بعد استحداث اختصاص السلامة المرورية. يستغرب اعتراض البعض على أنّ التعاقد الجديد لا ينطوي على توازن طائفي، بحيث لا تتجاوز نسبة المسيحيين 15%، ويعزو السبب إلى أنّ عدد أساتذة الملاك كبير في مجمع الدكوانة، إذ يلامس 125 أستاذاً.