بعد أكثر من أسبوعين على إقالة مدير عام الاستثمار في وزارة الاتصالات ومدير عام هيئة «أوجيرو» ورئيس مجلس إدارتها عبد المنعم يوسف، وتعيين بديلين مكانه على عجلٍ في جلسة لمجلس الوزراء (4 كانون الثاني 2017)، يبدو أن استعجال الحكومة الجديدة وتخطّيها آلية التعيينات الرسمية، أتيا بنتائج عكسية على القطاع، مع تعثّر تسلّم بديل يوسف، عماد كريدية، منصبه الجديد.
وبحسب المعلومات، فإن وزير الاتصالات الجديد جمال الجرّاح كلّف يوم أمس عضو مجلس إدارة «أوجيرو» المنتهية ولايته، غسّان ضاهر، بالقيام بمهمات رئيس الهيئة، إلى حين تسلّم الرئيس الجديد مسؤولياته. وقالت مصادر متابعة إن هدف التكليف الآن هو إتمام الإجراءات الإدارية اللازمة لدفع رواتب الموظّفين. أمّا سبب تعذّر تسليم كريدية، فلم يُعلَن عنه. وبعدما ضجّت الصالونات السياسية أمس بخبر مفاده عدم تمكّن كريدية من الاستحصال على سجلّ عدلي «نظيف»، بسب دعاوى قضائية عالقة بحقّه، انتشرت صورة السجل العدلي لكريدية، الصادر يوم ١٤ كانون الثاني ٢٠١٧، مع عبارة "لا حكم عليه". وقالت مصادر وزارة الاتصالات ان ما حال دون إصدار مرسوم تعيين كريدية خلفاً ليوسف في أوجيرو هو انتطار إتمام "معادلة" شهاداته الجامعية في لبنان. 
وأتى قرار الجراح تكليف ضاهر بتسيير شؤون «أوجيرو» ليُثبت أن القرارات التي اتخذها عبد المنعم يوسف، بعد صدور مرسوم إقالته، مخالفة للقانون. ومن هذه القرارات ترفيع موظفين محسوبين عليه، ومنح مكافآت كبيرة لمديرين وموظفين مقرّبين منه. ووصلت المكافآت الممنوحة لبعض المديرين إلى 40 مليون ليرة!
وتفتح هذه المشكلة في القطاع الباب واسعاً للجدال بشأن «الدعسة الناقصة» التي ارتكبتها الحكومة في أولى جلساتها في حقّ قطاع الاتصالات. فالحكومة لم تراعِ آلية التعيينات التي كان من المفترض أن تتبعها في أي تعيين يخصّ وظائف الفئات الأولى، من دون أن تشرح أصلاً لماذا تم الاختيار من خارج الملاك. وتنصّ آلية التعيين من خارج الملاك على تقديم طلبات الترشيح على الإنترنت إلى مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية الذي يتولّى الفرز الأوّلي لهذه الطلبات، وفقاً للمواصفات والشروط التي يحدّدها الوزراء المختصون ومجلس الخدمة المدنية ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية. وبعد إحالة هذه الطلبات على لجنة تضمّ الوزير المختص ورئيس مجلس الخدمة المدنية ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، تضع اللجنة «معايير التقويم للطلبات المقبولة وتحديد المعدلات اللازمة لعناصر هذا التقويم، وذلك دون اطلاعها على أسماء المرشحين». كذلك تضع اللجنة معدّلاً عاماً تراه كفيلاً بالسماح لمن يناله بالانتقال لإجراء المقابلة. وبناءً على المقابلة، تختار اللجنة المرشحين الذين يمكن تقديمهم إلى الوزير المختص، الذي يحيل أسماء ثلاثة مرشحين على رئيس مجلس الوزراء. وجرى القفز فوق هذه الآلية التي تسمح بدراسة وضع المرشّحين، وتقييمهم، بدل أن يكون المعيار هو الاتفاق السياسي المسبق ومنح كل «صاحب طائفة» حق اختيار الموظفين المنتمين إلى طائفته، فضلاً عن التغاضي عن أن مجلس إدارة أوجيرو برمّته، منتهي الصلاحية منذ سنوات، وكان من المفترض أن يتمّ تعيين بدائل لجميع أعضاء المجلس، وليس للرئيس والمدير العام حصراً.
ولم يُعرف ما إذا كانت هذه المشكلة ستدفع بمجلس الوزراء إلى العودة إلى آلية التعيينات، التي تحفظ مصالح القوى السياسية والطائفية، لكنها تخفف من حدّتها، وتسمح في وصول الأكفاء إلى بعض المناصب. لكن المداولات الجارية لا تشير إلى ذلك، إذ علمت «الأخبار» أن الاسبوع المقبل سيشهد تكثيف الاتصالات بين مكوّنات مجلس الوزراء لبحث التعيينات الامنية والادارية. وستعقد لقاءات تشمل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة والقوات والمستقبل من جهة ثانية، إضافة إلى متابعة التيار لاتصالاته مع حلفائه.
من جهة ثانية، لم تسجل في الأيام الماضية أي تطوّرات على صعيد قانون الانتخاب، في ظلّ بدء العدّ العكسي للمهل الدستورية للانتخابات النيابية المقبلة. ونفى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، أمام زوّاره أمس، أن يكون حصل أي تقدّم في ملفّ قانون الانتخابات، محذّراً من أن الانتخابات قد تجرى على أساس القانون النافذ، أي الستّين، في حال لم يتمّ الاتفاق على قانون جديد في المهل المحدّدة. وأكّد برّي أن كل ما يمكن أن يفرزه «الستين» لن يكون صورة حقيقية عن التمثيل الصحيح للقوى السياسية في البلد، بل إعادة إنتاج للأزمات ذاتها التي يفرزها سوء التمثيل. ومن المفترض أن يزور وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي اليوم عين التينة، لوضع رئيس المجلس في أجواء رؤية الاشتراكي للقانون الانتخابي المنشود، وبصورة لقاء الوفد مع رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي تقول مصادر الاشتراكي إن «كلامه لم يعطِ تطمينات ولم يقلقنا في الوقت ذاته، بل كان كلاماً عمومياً حول القانون الانتخابي».