عندما تتقلّد منصباً جديداً يكون همّك أن تنجح. أما عندما يكون سلفك في المنصب عبد المنعم يوسف، فسيكون همّك مضاعفاً. لم يعُد يوسف «عمود» الاتصالات بعدما أطاحته التسويات السياسية، فكان أول من «جُرف» ضمن عملية النبش في «أشغال» وزارة الاتصالات.
هو، عملياً، سيغيب عن قطاع الاتصالات، غير أن آثاره ستكون عبئاً على كاهل «وريثه» في هيئة «أوجيرو»، عماد كريدية، الذي يتسلم مهماته على عتبة تحديات تفرضها عليه الظروف، ولا سيما أنه مصنّف ضمن «إنجازات العهد الجديد». الرجل المخضرم في مجال الاتصالات غير معروف من أغلب الطبقة السياسية، حتى داخل تيار «المُستقبل» الذي يسيطر على المنصب، ومن خلاله على قطاع الاتصالات برمّته، منذ عام 2005. كُثر استغربوا تسليم المنصب إلى شخص لم يخدم «عسكريته» داخل أي تيار أو حزب، علماً بأن دائرة ضيقة تتحدث عن علاقة وثيقة جداً تجمعه بأشخاص في محيط الرئيس سعد الحريري، وتحديداً مدير مكتب الأخير، نادر الحريري. ومراجعة حساب كريدية على موقع «تويتر» تُظهر أنه كان يُكثر من مديح الرئيس الحريري، ويتبنّى، في أحيان قليلة للغاية، مواقف معادية لحزب الله.

كوّن كريدية خبرته المهنية من خلال مساهمته في تطوير الاتصالات في سوريا

فما هو المشهد المتوقّع في «أوجيرو» بعد تعيين كريدية؟ يغيب المعجم السياسي عن حديث الأخير في معرض كلامه عن تسلّمه هذا المنصب، وحتّى عن تصوّره للملفات التي تنتظره، مفضّلاً التطرق إلى الجانب التقني. من هي الجهة صاحبة الفضل الأول في تعيينك؟ يقول كريدية لـ«الأخبار» إن «اختياري جاء بناءً على الإمكانيات التي أتمتّع بها في مجال الاتصالات»، شاكراً «كل من وقف وراء تسميتي ووثق بي». يعترف بأنه «ليس لديّ فكرة واضحة عن قطاع الاتصالات في لبنان، لكنني أتطلّع إلى معالجة الوضع التقني»، وهي أولويته في المدى القصير، معتبراً أنه «ليس من العدل أن تذهب مراكز التدريب العالمية والشركات إلى مختلف الدول، ولا نجدها في لبنان، نتيجة الخلل في البنية التحتية لقطاع الاتصالات». أما على المدى الطويل، فيركّز كريدية على «عملية التجديد في شركات الاتصالات، وتشغيل شبكة الألياف الضوئية التي لا تحتاج سوى الى آلية ربطها بالطرف المستهلك»، وطبعاً «لن يتحقق ذلك بعصا سحرية، بل من ضمن خطة مدتها 5 سنوات على الأقل». يدخل كريدية هيئة «أوجيرو» فيما أصداء فضيحة الإنترنت غير الشرعي تتردّد في أرجائها. لكنه يؤكّد أنه لن يتدخل في هذا الموضوع، «إذ لا علاقة لي به لا من قريب ولا من بعيد. هذا الملف أصبح الآن في عهدة الجهات المختصة ولست مخوّلاً الحكم فيه. مهمتي فقط معالجة المشاكل التقنية التي نتجت منه». كوّن كريدية خبرته المهنية في قطاع الاتصالات من خلال مساهمته في تطوير شبكة الاتصالات في سوريا، وكان مساعداً للرئيس التنفيذي قبل تسلّم الرئاسة التنفيذية في شركة «أم تي أن» في السودان، ثم عمل ضمن مشروع لشركة الاتصالات في باكستان، قبل أن يتسلّم منصب مدير عمليات AWI التابعة لـ«مجموعة الوسيط الدولية»، ثم انتقل إلى المقاصد، قبل أن يشغل منصب الرئيس التنفيذي في شركة «Network energy services» التي تعمل في مجال العدادات الذكية. وهو يحمل ماجيستر في الاقتصاد النقدي من إحدى الجامعات الأميركية، إضافة إلى ماجيستر في إدارة الأعمال من المعهد العالي للأعمال في بيروت ومن الـEFCP في باريس.