بحجة أمنية، أُقفلت الباحة الملاصقة لمجلس الإنماء والأعمار، والتي كان يستخدمها موظفوه لركن سياراتهم. في عطلة عيد رأس السنة، جاء القرار «من فوق»، من حرس السراي الحكومي، بإقفال هذا الجزء الواقع بينها وبين المجلس.
بعد العطلة، عاد الموظفون إلى عملهم، ليفاجأوا بأن المكان الذي يركنون فيه سياراتهم منذ عام 1991، بات مقفلاً بالسيارات «العتيقة»، باستثناء باحة صغير ملاصقة للمجلس تركت لبعض «الأسماء». فهذه المرة الأولى التي يواجهون فيها قراراً كهذا، منذ إقامة المجلس في وسط بيروت، وعلماً أنهم كانوا يخضعون كغيرهم للتفتيش قبل الدخول ويحملون بطاقات تعريفية.
لكن، حصل ما لم يكن في الحسبان أبداً، وها هم الموظفون يتدبرون حالهم «بالتسكيج»، يقول أحدهم. ففي اليوم الأول، تدبّر هؤلاء الوضع، بعدما لم تفلح مساعيهم في العودة عن القرار الذي قيل لهم إنه «يعود للضابط المسؤول عن أمن رئيس الحكومة سعد الحريري». ما عدا، ذلك لا شيء. بعضهم ركن سيارته في الأماكن المخصصّة للعدادات، وكلما «مرت ساعتان من الوقت، أترك الدوام لأضع النقود في الآلة»، يقول أحد الموظفين، مشيراً إلى أنه في ذلك اليوم «نزلت 5 مرات، لأن دوام عملي كان منذ الساعة الثامنة صباحاً وحتى السابعة مساء». يومذاك، دفع هذا الموظف 11 ألف ليرة لبنانية، ولكنها تبقى «أهون من بعض الزملاء الذين لم يجدوا موقفاً في الأماكن المخصصة للسيارات على الطريق، فاضطروا لركنها في الموقف الخاصة ودفع ما لا يقل عن 22 ألف ليرة». هذه القيمة التي يتقاضاها الموظف في الدولة عن يوم عمله الفعلي بحسب معدل الحد الأدنى للأجور المجحف، والتي يضطر موظفو مجلس الإنماء والإعمار اليوم، لدفعها بدلات لـ«الفاليه باركينغ» التي تغرف من جيوبهم... وجيوبنا، بحجّة أمنية.
لكن، القصة التي بدأت بعد رأس السنة لم تنته عند معاناة الموظفين مع «الصفّة» التي يحارون كل يومٍ بتدبيرها، ولكنها قصة الدولة وحلولها العجائبية التي تمعن في الغرف من الموازنة المثقلة أصلاً بالسلفات منذ 11 عاماً. فالمخاطر الأمنية التي اتخذ لأجلها أمن السراي إقفال هذه الفسحة، أتبعتها الدولة بقرار يتحدثون عنه في أروقة المجلس، وبحسب مصدر في المجلس «فإن الدولة بصدد التحضير لمشروع يهدف إلى استئجار مواقف للسيارات من سوليدير في أسواق بيروت ومنطقة الردم، على أن تدفع عن كل موقف سيارة 150 دولارأ أميركياً شهرياً».
150 دولاراً عن كل موقف ستدفع من خزينة الدولة بسبب «قرار تعسفي»، يقول الموظفون. وإذا ما «قرشنا» هذه المعادلة إلى كمّ الدولارات التي ستدفعها الدولة من الخزينة، إلى شركة «سوليدير» هي بحدود 30 ألف دولار أميركي شهرياً، كانت بغنى عنها... لولا حجة المخاطر الأمنية.