أخيراً، «بقّت» الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة موقفها الرافض لبناء جدار إسمنتي يحيط بالمخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان. قيادات الفصائل التي تفادت طوال الأيام الماضية إعلان أي موقف، أجمعت على رفض الجدار بعد انطلاق الحملة الشعبية المندّدة بما سُمّي «جدار العار».
وتداعت أمس، نزولاً عند الضغط الشعبي، إلى الاجتماع مع مدير فرع استخبارات الجيش في الجنوب العميد خضر حمود لطلب وقف البناء. وخلال اللقاء الذي امتدّ لساعات، على وقع تظاهرات مستنكرة في عدد من المخيمات، طُرحت حلول بديلة، لكنّ حمود لم يعطِ موقفاً واضحاً في انتظار ردّ قيادة الجيش على الطلب بعد درسه.
أحد القياديين الذين حضروا الاجتماع قال لـ»الأخبار» إن «الضغط الشعبي ضد الجدار نجح في إظهار الاختناق الذي يشعر به الفلسطينيون»، متسائلاً: «لماذا لم يُبنَ جدار بين جبل محسن والتبانة رغم سقوط عشرات الضحايا؟ ولماذا الفلسطينيون حيطهم واطي؟». وأكد أنّ «الفصائل تعهّدت بتقديم اقتراحات في غضون عشرة أيام لحل ملف المطلوبين».
ورداً على تأكيدات المصادر الأمنية اللبنانية بموافقة كل الفصائل مسبقاً على بناء الجدار، قالت معظم قيادات الفصائل التي تحدثت اليها «الأخبار» إنها أُبلِغت ببناء أبراج مراقبة، وليس جدار. وأوضح قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب أن «النقاش كان حول الأبراج، ولم نكن نعلم بوجود الجدار». وعن اجتماع الفصائل مع استخبارات الجيش، قال أبو عرب: «طلبنا وقف العمل بالجدار لمدة عشرة أيام، ريثما ينتهي المؤتمر السابع لحركة فتح في رام الله، لعقد اجتماع للقيادة السياسية في سفارة فلسطين لاتخاذ موقف في هذا الشأن». وأضاف: «سأل العميد حمود عن البديل، واستمهلناه للرد عليه».
قائد القوه الأمنية المشتركة في مخيمات لبنان وعضو قيادة الساحة لحركة فتح اللواء منير المقدح قال لـ«الأخبار» إن «الجدار نفسياً غير مقبول. لا تُشعرني أني غريب وأنك تضعني في سجن»، مشيراً إلى أنّ موقف الفصائل كان واضحاً برفض الجدار. وعن سبب تريّث الفصائل في إعلان موقفها وما تردد عن إبلاغها قيادة الجيش موافقتها على بنائه، قال المقدح: «لم يُبلغونا بجدار، إنما أبلغونا بوجود أبراج. وتدارسنا معهم أماكن توزّعها كي لا تكشف عورات أهل المخيم». وأضاف: «العميد حمود أبدى تجاوباً. وقد مُنحنا أسبوعاً، ريثما نصوغ ورقة عمل من القوى السياسية». وفي ما يتعلق بهواجس قيادة الجيش في شأن الملفات الأمنية، قال المقدح: «نحن سياج لحماية الجيش. وقد سرنا في ملف تسليم المطلوبين. وكان المتفق عليه أن يبقى المطلوبون الخطرون حتى النهاية ليجبروا على الخروج أو يحاصروا». ولفت الى انه «رغم كل ما يقال، لم يخرج من المخيمات أي عمل أمني استهدف البلد. والقرار لدينا واضح: ممنوع الاعتداء على الجيش». أحد القيادات الفلسطينية الذي كان حاضراً في الاجتماع تحدث عن مهلة لإعداد «ورقة عمل تتضمن كيفية الحفاظ على أمن البلد عبر خارطة طريق لإنهاء الملفات الأمنية. وهذا المشروع يُلزم الفصائل بالتعاون مع الجيش».