القاهرة | بعد مرور حوالى أسبوعين على أزمة «سعودة» جزيرتي تيران وصنافير، ما زال الوضع في مصر كما هو. المتابع للصحف ومواقع التواصل الاجتماعي في المحروسة يكتشف بسهولة أنّ لا أحد قد تراجع عن موقفه. من جهة، يقف المعارضون للتنازل عن الجزيرتين، وهؤلاء منقسمون بين من يرفض فكرة التنازل نفسها أياً كانت الخرائط والوثائق المتداولة، أو بين من يرفض أسلوب وتوقيت التنازل الذي يجب أن يخضع لاستفتاء شعبي أولاً أو للتحكيم الدولي. على ضفة مقابلة، يقف المؤيدون لما يصفونه «إرجاع الحق لأصحابه». هؤلاء أقل عدداً بكثير من المعترضين، لكنهم أعلى صوتاً في الإعلام الحكومي والخاص بحكم موالاتهم للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. الأخير لم يعترف بعد بتراجع شعبيته بسبب اتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض، وبعدما جاءت تظاهرات «جمعة الأرض» (15 أبريل) لتؤكد أن الأمور خرجت عن طوق الاعتراض عبر الإنترنت وأعادت إلى الأذهان ما جرى في «25 يناير» 2011 وإن كان ذلك على نطاق أصغر. تصاعدت المخاوف مما قد يجري يوم الاثنين 25 نيسان (أبريل) الموافق لذكرى تحرير سيناء بالكامل من الاحتلال الإسرائيلي. يوم حدده النشطاء موعداً جديداً للتظاهر من أجل عدم التفريط بتيران وصنافير، لتشهد الأيام الماضية ما يمكن أن نسميه استخدام الإعلام كسلاح غير مباشر لمحاصرة التظاهرات باكراً وضمان عدم اتساعها بشكل قد يؤثر على كرسي الحكم. مثلاً، يظهر ذلك بوضوح في تقرير نشرته جريدة «الشروق» يؤكد نقلاً عن مصادر رفيعة أنّ الرئيس طالب بعدم السماح بالتظاهر في 25 نيسان، وأنه غاضب من تساهل الداخلية مع المتظاهرين. تساهل فسره مراقبون بأنه جاء تجنباً لإراقة الدماء يوم «جمعة الأرض» بما يحمّل الداخلية أزمات جديدة تشبه ما جرى مع شهيدة الورود شيماء الصباغ في كانون الثاني (يناير) 2015. رسالة تقرير «الشروق» تفيد بأنّ الشرطة سترد بعنف على أي تجمع، ولن تسمح بتكرار الصورة التي نقلتها كل وسائل الإعلام من أمام نقابة الصحافيين يوم الجمعة الماضي وهتاف «عيش، حرية، الجزر دي مصرية». والمقصود هنا بالطبع وسائل الإعلام غير المصرية لأن الشاشات المحلية تحركت بعد ثلاث ساعات من انطلاق التظاهرات. على خط مواز، التقى الرئيس المصري أمس قيادات وضباطاً في الجيش بعد انقطاع طويل، تحت نشاط يسمى «ندوة تثقيفية» بهدف توجيه رسالة للشعب بأن الجيش يسانده ضد أي غضب في الشارع وفي الوقت عينه لإعادة تأكيد أفكاره عن المؤامرة الداخلية والخارجية التي تتعرض لها مصر، ويتطلب مواجهتها عدم اعتراض الناس على قراراته بما في ذلك التنازل عن الجزيرتين. الصدى الذي أحدثه التقرير دفع الرئاسة المصرية لتكذيبه ومطالبة "الشروق" بتحري الدقة، لكن الجدل حول كيف ستتعامل الشرطة مع المتظاهرين ظل قائماً وسيستمر حتى صباح الإثنين المقبل.
على خط مواز ورغم إعلانه عن السفر لتسجيل حوار خاص، اتضح لاحقاً أنّ الإعلامي يوسف الحسيني أبرز الأصوات المعارضة للتنازل عن تيران وصنافير، مُبعد عن شاشة «أون. تي. في» منذ السبت الماضي. ومن المنتظر أن تطول الإجازة حتى انتهاء تظاهرات 25 أبريل. كما انطلقت عبر يوتيوب تسريبات جنسية منسوبة للحسيني بهدف إجباره على عدم فتح الملف مرة أخرى، وهو ما جاء بنتيجة عكسية، إذ تعاطف معه كثيرون، معتبرين أنّ هذه الطريقة هي «ضرب تحت الزنار» وتعدٍّ على الحياة الشخصية للأفراد. ورغم أن زميلته في القناة نفسها ليليان داود تحصل على إجازة عادة في هذا التوقيت من السنة، إلا أنّ بعضهم ربط بين غيابها والأزمة، وقد استضافت أخيراً في برنامجها «الصورة الكاملة» أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة «الأهرام» والمعارض البارز لسعودة الجزيرتين، إلى درجة أنّ مقاله عن حق مصر في تيران وصنافير لم تنشره «الأهرام» (!) واضطر لنشره عبر فايسبوك. الخيط يمتد إلى الإعلامي إبراهيم عيسى الذي تصنف جريدته «المقال» باعتباره المطبوعة الوحيدة في مصر التي تعارض بشكل واضح «سعودة»» الجزيرتين، إلى جانب انتقاداته للقضية في برنامجه «مع إبراهيم عيسى» على قناة «القاهرة والناس». وقد انطلقت ضده حملات تشويه، وتحرك الأزهر ضده بدعوى مقال نُشر في الجريدة قبل أربعة أشهر. حملات وصفها بعضهم بالتشويش على ما تقوم به «المقال» حالياً من حملة دفاع عن الجزيرتين.