قبل 48 ساعة من نيله جائزة «غونكور»، نجحت «الأخبار» في لقاء ألكسي جيني، في أحد فنادق بيروت. الروائي الفرنسي زار العاصمة، ليوم واحد، ليلقي محاضرة في «معرض الكتاب الفرنكوفوني». جيني مُنح أمس الجائزة الأدبيّة المرموقة، عن روايته الأولى «فنّ الحرب الفرنسي». ابن الثامنة والأربعين كان أستاذ علوم أحياء مغمور في إحدى مدارس مدينة ليون (جنوب فرنسا). لكنّ روايته الضخمة الصادرة في 600 صفحة عن «دار غاليمار»، جعلته نجم الجوائز الأدبية الفرنسيّة لهذا الموسم. حظيت الرواية الفائزة بحفاوة نقديّة كبيرة. وخصصت الصحف الفرنسيّة زوايا عديدة للإشادة بألكسي «العبقري» (في لعب على الكلام، يحيل على اسم عائلته بالفرنسيّة Jenni). لهذا لم يكن خبر فوزه أمس مفاجئاً، بعدما حسمت الصحف المعركة لمصلحته منذ أسابيع.يشبه نجاح ألكسي جيني قصص الأفلام: أمضى الرجل خمس سنوات يخطّ سطور روايته في مقاهي مدينته الهادئة... وحين أنجز «فنّ الحرب الفرنسي»، لم يكن ليتخيّل أنها ستقطف أعرق الجوائز الأدبيّة الفرنسيّة، وذلك بإجماع الأعضاء الثمانية في «أكاديمية غونكور».
حين التقيناه في بيروت قبل يومين، سألناه كيف يجرؤ على مفارقة باريس، وهو المرشّح الأبرز لنيل «غونكور»؟ فأسرّ إلينا: «لم أطلب شيئاً من كلّ هذا. لم أكن أتوقّع أن أكون على لائحة «غونكور»، ولا أن تنشر روايتي أساساً، ولم أكن لأتخيّل أثر عملي على القرّاء». الأثر الذي خلّفته «فنّ الحرب الفرنسي» كان كبيراً. تطرّقت الرواية بعين النقد إلى موضوع حساس في التاريخ الفرنسي، ألا وهو التجربة الكولونياليّة. استعاد ألكسي جيني حروب جيش بلاده بين الهند الصينية والجزائر والحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى حرب الخليج الأولى. الشخصيّة الرئيسية محارب قديم، يستعيد صور المجازر والمعارك أمام شاب يعيش قطيعةً كاملة مع ذاكرة الحرب. ومن خلال الحوار بين جيلين، يسأل جيني عن معنى البطولة، ويعيد فتح السجال في مسألة «الهويّة الوطنيّة» في فرنسا. تيمات لقيت اهتماماً إعلامياً كبيراً، خصوصاً أن نشر الرواية تزامن مع التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا.