القاهرة | منذ يومين، لم تكن هناك علاقة بين قناة «الجزيرة مباشر مصر»، ومقهى «البورصة» الشهير في وسط القاهرة، الذي يبعد أقل من 300 متر عن ميدان التحرير. تلك قناة تملكها دولة قطر، وكانت مهتمة بالشارع المصري وتنطلق من العاصمة، بينما يُعدّ المقهى من المقاهي الشهيرة في وسط البلد، حيث يتجمع فيه المثقفون والناشطون السياسيون، المنتمون إلى مختلف التيارات اليسارية والناصرية والاشتراكية. ولهذا، داهمه أكثر من مرة جهاز أمن الدولة المنحل في عهد النظام السابق. أما العلاقة بين القناة والمقهى، فتمثّلت في استخدام الطريقة نفسها لمحاصرة النوافذ التي يطل منها المصريون على شؤونهم السياسية. مثلما أُغلقت القناة القطرية بحجة أنّها تعمل من دون تراخيص، تذكرت السلطات أخيراً أنّ القانون يمنع وضع كراسٍ خارج المقاهي، لكنها تركت عشرات الآلاف من مقاهي مصر التي تخالف القانون، وبدأت تطبيقه فقط على المقهى الذي يجلس فيه مثقفون ونشطاء يتكلمون في السياسة طوال الوقت.
وتزامن تنفيذ القرار مع المباراة التي جمعت «الأهلي» و«إنبي» في كأس مصر التي شُغل بها كثيرون، مما يؤكد سوء نية السلطة. ورغم أن هناك من يؤكد أنّ الحملة الأمنية بدأت برجال بلدية جاؤوا لإزالة الكراسي الموضوعة في الشارع، إلا أنّ الأمور تطورت إلى مواجهة بين روّاد المقهى ورجال الشرطة. وبعدها، تدخّل عناصر الجيش إثر الصدامات التي اندلعت بين الطرفين.
وكان مقهى «الندوة الثقافية» المجاور لـ «البورصة» قد تعرّض قبل أعوام لتهديد بإقفاله من جهاز أمن الدولة، في حال السماح للأديب علاء الأسواني بإقامة صالونه الأسبوعي بين جنباته. بالتالي، تظلّ الإجراءات الأخيرة تذكّر المصريين بأنّ نظام مبارك ما زال يحكم مصر كما يتخوف كثيرون، لكن الأمر كالعادة لم يفلت من دون النكات الساخرة التي انتشرت سريعاً على فايسبوك وتويتر نقلاً عن الهتافات التي رددها الشباب أثناء تنفيذ قرار إزالة الكراسي الخاصة بالمقهى عن الطريق. فيما دعا النشطاء إلى الجلوس في مقهى «ستاربكس» الأميركي تحت حماية باراك أوباما، حيث لن تستطيع السلطات اقتحامه. وسط هذا، انطلقت مجدداً دعوة مليونية بعنوان «جمعة إبريق الشاي»، حيث علّق أصحابها: «شكلها كده هتبقى جمعة إبريق الشاي وهنشيّش كلنا في الميدان».