بغداد | أعلن الشاعر العراقيّ كاظم الحجاج اعتكافه في منزله حتّى الموت، وإضرابه عن الطعام، واعتذاره عن الرد على اتصالات أصدقائه... أمّا سبب الاحتجاج، فالانقطاع الدائم للكهرباء في البصرة، ومحافظات العراق عموماً. موقف الحجاج أشبه بموقف استشهاديّ، وجرس إنذار شعريّ. كأنّ صاحب كتاب «أخيراً تحدّث شهريار» يقول: «أيّها الناس غادروا الصمت، وتذكّروا أنّ حقوقكم تضيع». إنّها صرخة بوجه الفاسدين في عراق اليوم، بعدما سمعنا الكثير عن مشاريع في مجال الكهرباء، صُرفت عليها مليارات الدولارات، من دون أي نتيجة تذكر. وكان آخر تلك المشاريع الفضيحة الطازجة التي أدّت إلى إقالة وزير الكهرباء رعد شلال، بعد اكتشاف توقيعه عقوداً مع شركتين وهميتين كنديّة وألمانيّة بمبلغ مليار و700 ألف دولار!

ها هو كاظم الحجاج يترك إذاً الأعمدة الصحافيّة الأسبوعيّة التي كان ينشرها هنا وهناك، ويغادر كتابة الشعر نحو منزله، معتكفاً مضرباً عن الطعام. فهل سيخلِّص الشعر عائلاتٍ عراقيّة تتلوّع من جرّاء الغياب التامّ للكهرباء في البلاد؟
الموقف ليس غريباً على كاظم الحجاج (1942) الذي كان مهجوساً طوال مسيرته الشعريّة بتجسيد مرارة الواقع، ويوميات البسطاء. ويكفي أن نقرأ في قصيدته «سليمان الحلبي» لندرك ذلك: «يا سليمانُ!/ يكفيك أن تعرف الناسَ/ من نظرة للدكاكين/ هل يشتري الفقراءُ؟!»
ويبقى السؤال: هل يعقل أن يفتقد الناس أبسط مقوّمات الحياة في بلد يعوم على آبار النفط؟ وهل يعقل أن تصل الأمور إلى حدّ يختار شاعر فيه الموت، احتجاجاً على غياب نعمة بسيطة، لم تستطع الحكومات المتتالية في عراق ما بعد صدّام أن توفرها... ولو جزئيّاً وبانتظام؟