أمام الكاميرا، يسرد الشباب بأريحية تجاربهم الجنسية التي قد يكون جزء منها متخيّلاً. يسمّون الأشياء بأسمائها، ويتحدثون عن غرائزهم ورغباتهم بصراحة لا تعرف تدوير الزوايا. هكذا، يصبح أبطال فيلم أكرم الزعتري «مجنونك» (1997)، الذي يستعيده «نادي لكل الناس» و«جمعية السبيل» مساء الاثنين في «المكتبة العامة لبلدية بيروت»، أبطالاً «محفوظيّين» بامتياز. يحاكي التباسهم الشخصيات المثيرة للجدل التي يزخر بها أدب صاحب «نوبل»: قد تشمئزّ من سلوكهم الذكوري، إلّا أنّك لا تملك سوى التعاطف معهم في آن واحد. فهم «يحاولون التمثّل بالصورة المنتظرة منهم للذكر الفحل، لكنّهم يبقون أولى ضحاياها»، كما يشرح زعتري. إلى تلك المساحة المفخّخة اجتماعياً، دخل فنان الفيديو. الفنان الذي أسهم في تأسيس «المؤسسة العربية للصورة»، يمثّل التوثيق هاجسه الأول في جميع أعماله الفنية من تجهيز وفيديو وتصوير. في فيلمه، يستخدم مشاهد ألعاب الفيديو العنيفة كفواصل بين شهادات «الفاتحين» الفخورين بغزواتهم الجنسية، والحالمين في الوقت ذاته، بفروسية رومانسية، تناقض خطابهم الذكوري. كذلك، تمسّك زعتري بالطرافة والنكتة لأنّ «الحديث عن الجنس لا ينفصل عن الضحك في المجتمع العربي». وقد اختار المشاركين في فيلمه من محالّ البلياردو والسندويشات الرخيصة. «هذا لا يعني أن الطبقات الأعلى نجت من فخّ الذكورية، إلا أنّها تبدو أكثر وضوحاً لدى من هم أكثر جهلاً في مداراتها، وبالتالي أكثر براءةً». هؤلاء محكومون سلوكياً بقطبية مذهلة بين منتهى الرومانسية... وأقذر ما في الجنس. لذلك، حين يغرمون وتفشل قصصهم، يقتلون الحبيبة وينتحرون. «مجنونك» الذي عرض خلال الدورة الأولى من «مهرجان أيلول للفنون المعاصرة» عام 1997، ما جعله ينجو من الرقابة حينذاك، كان في الأصل عن الجرائم العاطفية، «لكنّني اكتشفت أنّ هناك حزناً يدفع إلى تلك النهايات المأساوية. هكذا، جاء الفيلم بمثابة وثيقة عن مرحلة»، يقول الزعتري.

«مجنونك»: 7:00 مساء الاثنين 21 آذار (مارس) ـــــ «المكتبة العامة لبلديّة بيروت» (الباشورة). للاستعلام: 01/667701