عشّاق باب توما... رثاء إلكتروني

  • 5
  • ض
  • ض

دمشق | انحسرت أحلام السوريين وتراجعت مساحة آمالهم بعدما تحوّلت ثورتهم السلمية حرباً ضروساً لا تبقي ولا تذر، وصارت النجاة من همجية العنف المتواصل أقصى ما يحلم به سكان عاصمة الأمويين. هكذا، أصبحت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي جدراناً يطمئنون من خلالها إلى بعضهم. وقد اشتعلت تلك الصفحات أخيراً بتعليقات خاصة عندما ضرب الإرهاب ذاكرة جماعية يعرفها السوريون جيداً. انفجرت سيارة مفخخة قبل أيام في ساحة باب توما، المكان التاريخي الذي يحمل رمزية كبيرة لدى كل من عرف دمشق، مقيماً كان أو زائراً أو سائحاً. مع ذلك، ما زالت الساحة الشهيرة تشرع أعمدة الباب الأثري في وجه المارة لتفتح «طلعة القشلة»، الطريق باتجاه الأزقة الضيقة للحي العريق. نعبر السوق مروراً بحمام «البكري» الأثري والبيوت العربية التي تحولت إلى مطاعم ومقاهٍ نحو كنيسة «حنانيا» أقدم كنائس العالم. هناك تجتمع الأمنيات عند طاولة الشموع التي يضيئها زوار الكنيسة، علّ الدخان الأسود ينقشع وتعود الشام إلى ما كانت عليه سابقاً. وعلى الرغم من أن هناك قلة امتعضت من الاهتمام المبالغ فيه الذي أولاه السوريون لباب توما عبر صفحاتهم، بدعوى أنّ الأماكن التي دمرت في منزلة واحدة، إلا أنّ الذاكرة المتقدة عن الحي الدمشقي جعلت ساحته وقوس بابه وذكرياته نجوماً خلال الأيام الماضية. احتلت صورة الساحة صفحات الفايسبوك وافتتح أحد المسرحيين الحديث بتعليق مكثف ومختصر نشره على الموقع الأزرق، يقول فيه: «من منا عشق امرأة في دمشق ولم يعبر معها ساحة باب توما؟»، ليرد عليه المصمم الفني فراس عدره: «من هناك اشتريت كاسيتات فيروز وقطفت الياسمين وتعلّمت كل شيء... العشق، التاريخ والصداقة. اليوم زارك الموت يا باب توما وأنت أقوى من كل شيء». فيما استعاد كثيرون محمد الماغوط وقصيدته «أغنية لباب توما»، وخصوصاً مطلعها الذي يقول «ليتني حصاة ملونة على الرصيف/ أو أغنية طويلة في الزقاق/ هناك في تجويف من الوحل الأملس/ ليتني وردة جورية في حديقة ما/ يقطفني شاعر كئيب في أواخر النهار/ أو حانة من الخشب الأحمر/ يرتادها المطر والغرباء». أما الطبيب والشاعر السوري إياد شاهين الذي كانت له وقفة مع المكان، فقد كتب على صفحته الشخصية على فايسبوك: «مليون باب لتوما ولا باب للباب إلا الرياح/ وصمت الحكايا/ وعتمة هذا الصباح». إذاً، شعور الخيبة والألم خيّم على السوريين، وهم يفقدون أحبتهم، وتتلطخ أماكن ذكرياتهم الجميلة بدماء الأبرياء.

5 تعليق

التعليقات

  • منذ 11 سنة دانا دانا:
    ‫باب توما
    ‫"عشرسنين عشت بأرضك لم أشعريومابلعنصريه رأيت فيكي اسودوابيض ولبنيا لم ارى؛كحنانيا ولم اشبع من المحبه والأسياأمااهلك في القشله والقيمريه كلهم حنيه مسيحيين وسنيه.والباب لعتيق ودمشق القديمةذات لقمةهنية.عشت فيكي قصص حب ومراهقةواليك المنيه.ولم أرى كتراب الصوفانيه عشرسنين"ياأبونا عشرسنين ياقديسناتوما" عشرسنين يامحمدناويوحناويسوعنا"أين أنتم لتصلو معنا.يارب السموات والأرض إحمي شامناالحنونةنحن بحقك مقسرون... بقلمي
  • منذ 11 سنة مجهول :
    ‫علي وسهام وردتان جوريتان في ساحة عشاق باب توما
    ‫لم اكن ادري انه حين قرأت هذا المقال عن انفجار باب توما وضحاياه اني كنت اقرأ عن ابن وابنة خالتي اللذان استشهدا في هذا الانفجار. اليوم حين اتصلت لاهنئ الاهل بالعيد حسب مقتضى العادة علمت باستشهاد علي وسهام في ذلك الانفجار. كانا في طريقهما الى العمل حين وقع الانفجار. علي انسان بسيط بالمعنى الطبي للكلمة وسهام شقيقته الصغرى تساعده في حياته. عاشا معا وماتا معا دون ان يعرفا ما حل بهما وخاصة علي الذي لا ينطق ولا يسمع. من يدري ولكن لعله سمع دوي الانفجار الذي قتله وقتل اخته واحد عشر شخصا اخرين. ولذا وبمناسبة عيد الاضحى المبارك اود ان اهدي دم علي وسهام لخادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبد العزيز والى حاكم قطر ولحامي الاسلام اردوغان وللمجاهدين بالدم السوري يحثون الخطى على درب تحرير الجولان عبر تحرير سوريا من السوريين. علي وسهام لاجئان فلسطينيان في سوريا في الثلاثينات من العمر. لو جاهد المجاهدون ومعهم ملوكهم عن فلسطين بنفس الشجاعة والحماسة والايمان الذي به يقتلون سوريا ارضا وشعبا ربما لكان علي وسهام قد ماتا حين ماتا ولكن على ارض فلسطين ودفنا في قريتهم على ساحل عكا. لكن قدرهما وقدر العرب والاسلام ان يموتا بانفجار على جانب طريق في حي باب توما في دمشق. ماتا في شارع العشاق وصارا كما تمنى الماغوط ان يكون حصى ملون على الرصيف. ولا تدري نفس باي ارض تموت.
  • منذ 11 سنة مجهول مجهول:
    ‫باب توما ودمشق القديمة عبارة
    ‫باب توما ودمشق القديمة عبارة عن بيوت طينية متداعية تفوح منها رائحة كريهة حين يهطل عليها المطر، وشوارع مرصوفة ببلاطات متخلخلة يتجمع تحتها الماء والطين فإذا دعست على أحدها نفر الطين والوسخ حتى يصل شحمة أذنيك.
  • منذ 11 سنة محمد حمزة محمد حمزة:
    ‫الصورة ليست لباب توما
    ‫مع كل تقديري لجريدة الأخبار التي أحرص على متابعتها كل صباح فأريد التنويه إلى أن الصورة المنشورة مع المقال هي لساحة المسجد الأموي وليست لباب توما الشهير !!!