حاجةُ الناس إلى لقمةِ الجمال توازي، أو تفوقُ في بعض الأحيان، حاجتَهم الـمـُذِلَّة إلى لقمةِ الحياةِ أو لقمةِ العافية... أو حتى لقمةِ الكرامة.يزرعونَ غرسةَ الورد ويُدَلِّلونها، بينما هم في أمَسِّ الحاجةِ إلى كسرةِ الرغيف الواقيةِ من الموتِ جوعاً.
يغتبطون بترنيمةِ عصفور، وانزلاقِ غيمة، وتَغَـنُّجِ فراشة، فيما هم عاجزون عن تَدَبُّرِ ما يسترون به عظامَهم وجلودَهم وأقدامَهم المستهلَكَةَ في معاركِ السعادةِ وامتحاناتِ الأملِ والصبر.
وأحياناً، إذْ لا يملكون ما يتدفّؤون عليه، ويعرفون أنهم قد يهلكون من البرد، يبتهجون ويهلّلون لسقوط الثلج.

.. ..
محيِّرون:
قساةٌ، ظالمون، كذبةٌ، متوحّشون وأربابُ جرائم.
ولكنهم، في الوقتِ عينِهِ، لطيفون، حنونون، كرماء، وقادرون في كل مناسبة على ارتكابِ فِعْلةِ الجمالِ وفعلةِ الحبّ.
حقاً، محيِّرون !
20/2/2015

عصفورُ القيامة



في الصباح، بعد وجبةِ كوابيسنا الثقيلةِ، التي أوهَمَتْنا أنّ الهاويةَ صارت على مقربة، والخليقةَ ــ خليقتَنا الخصوصيةَ ــ تلفظ آخر أنفاسها وتتهيأ للزوال...،
في الصباح، في مثلِ هذا الصباح،
زقزقةُ عصفورٍ طائشة، صغيرةٌ ومرتجلة،
كافيةٌ لدحضِ جميعِ وساوِسِنا
وتَسْييلِ أرواحِنا مِن أحداقِ أعيننا
وزفراتِ أحشائنا اليابسة.
..
في الصباح، في مثل هذا الصباح،
يُولدُ العالمُ، وتولدُ أرواحُ قاطنيه.
20/2/2015