رغم كل الأدوار التي أداها بإتقان على المسرح الرحباني، غناءً وتمثيلاً، ولبسها ولبسته، بيد أنّ دور الشاويش الذي منحه إياه عاصي الرحباني في «بياع الخواتم» (المسرحية والفيلم)، صار حكراً عليه؛ وجعله أحد ثوابت المسرح الرحباني على مدى أربعين عاماً. في بيته الصيفي في حراجل (جبل لبنان)، يتذكر وليم حسواني رحلة عمره على خشبة هذا المسرح مع غصّة من الإهمال الذي يتعرّض له الفنان في لبنان.
في قرية رأس الحرف (قضاء بعبدا ـ جبل لبنان)، ولد «الشاويش» وليم حسواني في خريف عام 1933. والده الشاعر خليل حسواني، كان يعمل في تعهد البناء ويهوى التمثيل المسرحي. والدته نمري حنا يونس كانت تمتلك صوتاً جميلاً. منهما، اكتسب الفتى «جينة» الفن وخميرته، ثم تعزّز ذلك من خلال الاستماع إلى «اسكتشات» الرحابنة في إذاعة «الشرق الأدنى»، ما جعل حلمه يكبر بأن يكون في أحد الأيام واحداً من أبطال هذا «الوسط» الفني.
كانت رأس الحرف عند عائلة خليل حسواني مقرّاً للإقامة الصيفية والزراعة، أما الدراسة ففي بيروت. في العاصمة، تلقّى تعليمه الابتدائي في مدرسة «المخلّص» في شارع مونو، والتكميلية والثانوية في مدرسة «القلب الأقدس». أما في «جامعة القديس يوسف»، فقد درس مادة الحقوق مدة ثلاث سنوات لكنّه لم يتابعها بسبب انصرافه الى مهنة التدريس في مدرسة «الفرير» في فرن الشباك (1951).
بما أنّه اختار مهنة التعليم، فقد أنشا في عام 1971 مدرسة «الأخوة اللبنانيين» في منطقة الحدث التي تهاوت خلال الحرب الأهلية في لبنان. وفي سنة 1958، أسس مدرسة «البيت التربوي» في محلة الفنار. بعد ذلك، باع المدرستين وتفرّغ لتعليم مادتي الأدب والفلسفة في «المعهد الأنطوني» في بعبدا ( 1996 و2002) لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة اهتمامه بالتمثيل والغناء.
في عام 1958، وفي خضم انشغاله في التدريس، تقدم بطل اسكتش «الدكّان» إلى فرقة الأخوين رحباني التي كانت تبحث عن راقصين فولكلوريين. وكان عاصي ومنصور حينها يعدان العدة لـ«مهرجانات بعلبك». غير أنّ اندلاع «ثورة 1958» فرط عقد العمل وألغيت المهرجانات. في العام التالي، تزوج وليم حسواني وصرف النظر عن اهتمامه الفني، فيما قدم الرحابنة أعمالهم في بعلبك. إلا أنّ صديقه، الأستاذ الرياضي شبل بعقليني، شجعه ليعود إلى فرقة الدبكة، كان ذلك في عام 1960 «كانت الفرقة تتدرب على دبكة إحدى الأغنيات. أتى وقتها عاصي الرحباني، شدني من كتفي وأخذني جانباً، سألني: قالوا لي إنّ صوتك جميل، هاتِ اسمعنا شيئاً؛ فغنيت له مقطعاً من «عاللوما» لوديع الصافي التي كانت رائجة جداً، وقبل أن أكمل، قاطعني وقال: انسَ الرقص، ستكون مغنياً وممثلاً في الفرقة». على أدراج بعلبك عام 1960، قدّم الرحبانيّان «موسم العزّ» حيث غنّى وليم حسواني للمرّة الأولى دويتو «هِلِّك ومستهلِّك» مع أمل حمادة (غناها لاحقاً مع هدى ثم مع جورجيت صايغ) وكانت بداية مشوار طويل مع الرحابنة. معهم، مثّل دور الشاويش في «بياع الخواتم» (1964) و«الشخص» (1968) و«يعيش يعيش» (1969) و«المحطة» (1973)، إضافة إلى مشاركته في «ميس الريم» (1975)؛ وفيلم «بياع الخواتم» (1965) وأعمال غنائية كانت تقدم في مهرجانات مختلفة. في أدواره كلها، تميّز بنبرة صوت عالية وواضحة «ربما لأنني كنت معلماً ومعتاداً على ضبط الأمور وإصدار الأوامر، اختارني عاصي ومنصور لهذا الدور وقد أحببته كثيراً». مع منصور الرحباني وفيلمون وهبي اللذين ظهرا مراراً في دوري سبع ومخول، مثّل وليم حسواني دور عبدو في مسرحيتي «البعلبكية» (1961) و«جسر القمر» (1962). في سنة 1963 قدم الرحابنة «الليل والقنديل» وظهر صاحبنا بدور خاطر. كما لعب دور السّمسار في «دواليب الهوا» (1965)؛ والشيخ خاطر الخازن في «أيام فخر الدين» (1966)؛ والشحاد في «هالة والملك» (1967)؛ وديب في «ناس من ورق» (1972)؛ والقاضي في «لولو» (1974)؛ وتوفيق السّمسار في «الوصيّة» (1993)؛ والشيخ فرنسيس الخازن في «صيف 840» (1988). أما آخر مشاركة له في المسرح الرحباني فكانت «آخر ايام سقراط» (1998).
كان منصور الرحباني يعدّ مسرحية «أبو الطيّب المتنبي» (2000) لعرضها في جولة عربية حين «أرسل بطلبي للمشاركة فيها. كان مطلوباً مني السفر مع الفرقة مدة 25 يوماً. كان ذلك في شهر نيسان (أبريل). لكنّي لم أستطع ذلك ونحن على عتبة الامتحانات الرسمية لصف البكالوريا، ما قد يضر بمصير التلامذة ويعرّضهم للرسوب. ضحّيت بالمسرحية». ارتباط وليم حسواني بالتدريس جعله سابقاً يتخلى عن التمثيل في فيلمي «سفر برلك» و«بنت الحارس» وفي أكثر من عمل مسرحي، «لكنني لم أكن لأنقطع عن المسرح نهائياً، بل كنت أعمل أحياناً مساعداً في الكواليس وفي التدريب والبروفات».
ثمة مسرح آخر شارك فيه حسواني بعد انقطاعه عن الرحابنة، هو مسرح الأب فادي تابت الذي دعاه عام 2002 إلى المشاركة في مسرحية «الحقّ ما بيموت» إلى جانب الفنان الراحل إيلي صنيفر؛ ليشارك بعدها في جميع أعمال الأب التي عرضت في لبنان والخارج، ومنها «ثورة الشعب» و«الحرم الكبير» لغاية عام 2011 حين كانت آخر إطلالاته المسرحية في «صاحب الغبطة والسلطان». يقول: «أنا لم أعتزل، وكلمة اعتزال موجعة بحد ذاتها. أنا اخترت أن أكون بما تبقى من عمري إلى جانب أسرتي التي ابتعدت عنها سنوات غارقاً في الفن والتعليم، ألا يحق لي ولها ذلك؟».
ثمة غرام ثالث غير المسرح والتدريس نال حيزاً من مسيرة حسواني ولم يزل يلازمه حتى اليوم. إنّه الشعر الذي بدأه في عمر الـ14 على يد معلمه جوزيف نجيم «كنا في صف الثالث متوسط، وكان يطلب منا نظم عشرة أبيات في موضوع ما، ووجهنا نحو شعر سعيد عقل وميشال طراد. عندها، نظمت قصيدتي الأولى». قصيدته الأولى كانت عامية بعنوان «لا تقلّها حلوي» نشرها في ديوانه الثالث «نسمة عمر» الصادر عام 2009 بعد ديواني «شريعة الغاب» (2000) و«شريعة الغاب 2» (2005). في العام 1996 أسس صاحب قصيدة «يا قدس» (غناء نوال الزغبي) «صالون وليم حسواني للشعر والأدب» في بيته في الحدث (شرقي بيروت)، حيث استقبل العديد من الشعراء.
يحمل وليم حسواني غصة في قلبه على تجاهل «وزارة الثقافة اللبنانية للشعر العامّي المعروف بالزجل، الذي يختص به لبنان دون غيره، وهو منبع تراثنا، فلماذا نضيعه ونتجاهله؟ لقد اعتمدت الوزارة أخيراً، نقابة شعراء الزجل في لبنان كقسم في صلب وزارة الثقافة، لكن هذا لا يكفي، نريد أن نلمس الاهتمام». ويتساءل: «أين قصر الآداب والشعر والكلمة الذي وعدت به الحكومة؟ لا أحد يهتم أو يأخذ ذلك على محمل الجدّ. ثم أين الوسام الذي كانت الدولة اللبنانية تريد منحه لشاعر الزجل محمد المصطفى الذي رحل منذ أسبوعين؟».



5 تواريخ

1933
الولادة في رأس الحرف
(قضاء بعبدا ــ جبل لبنان)

1960
قدمه الرحابنة في مسرحية «موسم العزّ» في بعلبك وغنى «هلّك ومستهلّك» مع أمل حمادة

1998
شارك في مسرحية «آخر ايام سقراط» لمنصور الرحباني وكانت آخر مشاركة له مع الرحابنة

2000
أصدر ديوانه الشعري الأول «شريعة الغاب»

2012
يصدر في تشرين الثاني (نوفمبر)
المقبل كتاب «صالون وليم حسواني للشعر والأدب» الذي يتألف من 300 قصيدة