الجزائر | ندّدت جمعيات عديدة أمس بقرار «محكمة سيدي محمد» في العاصمة الجزائرية، الذي قضى بسجن المدون الشاب طارق معمري ثلاث سنوات، بعد إدانته بأربع تهم ارتكبها «افتراضياً» عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الاستعدادات للانتخابات النيابية التي جرت في 10 أيار (مايو) الماضي. وأدانت «شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان» ما وصفته بـ «استخدام الهيئة القضائية من طرف السلطة التنفيذية بغرض ممارسة الضغوط على المناضلين في مجال حقوق الإنسان». وقد تفاعلت قضية المدوّن بعدما أدين بتهم حرق وثائق إدارية، والتحريض على التجمهر، وإهانة هيئة عمومية، وتخريب ممتلكات الغير. وقال محامي المتهم أمين سيدهم إنّه ليس هناك أيّ بند في القوانين الجزائرية يدين بالسجن مَنْ أحرق وثيقة إدارية، وهي أهم التهم التي استند إليها القاضي في حكمه. وكان طارق معمري الذي يُعد من أنشط المدوّنين في الجزائر، قد وزع على الفايسبوك واليوتيوب أشرطة فيديو تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، تضمنت بطاقات انتخاب تلتهمها النار، داعياً الجزائريين إلى إحراق بطاقاتهم. وفي مطلع الشهر الماضي، اعتقل الشاب وحُبس يومين في مقر الأمن. واتهمت هيئات حقوقية الاستخبارات باختطافه. بعد ذلك، وجّه معمري نداءً يدعو إلى التظاهر والاحتجاج على الانتخابات بما لا يلحق الضرر بالممتلكات. وجاء في إحدى رسائله المصورة: «أوجه هذا الخطاب إلى جميع أبناء العاصمة: لا تكسروا، لا تحرقوا... حتى لا يقولوا إننا أوغاد. انزعوا لوحات الإعلان والترويج للانتخابات المنصّبة في أحيائكم وضعوها جانباً». وبعد صدور الحكم أول من أمس، جرت اتصالات بين آلاف الشباب الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد محاميه، الذي وزّع الخبر عبر الفايسبوك، أن الاستئناف سيأخذ مجراه، باعتبار أن النطق النهائي بالحكم سيكون في 27 حزيران (يونيو) الجاري. وأطلق المدونون صفحات جديدة على الفايسبوك، تدعو إلى تنظيم اعتصامات أمام المحكمة للمطالبة بتبرئة المتهم، لأن الحكم يدخل في سياق «التضييق على الحريات»، وخصوصاً أن معمري «لم يرتكب أي جنحة، بل أبدى موقفاً سياسياً من الانتخابات مثلما أبداه غيره ممن دعوا إلى المقاطعة».
وقبل أسبوعين من اعتقال معمري، اعتقلت قوى الأمن الناشط عبد القادر خربة، عضو «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان». وصدر بحق خربة حكم بالسجن لعام كامل مع وقف التنفيذ، بتهمة «الدعوة إلى التجمهر، وانتحال الشخصية، والمشاركة في تجمع غير مرخّص». لكن من خلال قضية معمري، يبدو أنّ السلطات أرادت أن تجعل من المدوّن «عبرةً» تخيف به غيره من الشباب الناشط والمعارض في الجزائر.