«لصوصُ البراءة»

تُشَيِّعين أحياءً، وتَلِدينَ موتى.
يا أيتها المرأةُ التي أسْكَنَت الحياةَ على الأرضْ...
أنتِ ذبيحةُ الأرضْ.
........
تُشَيِّعين أحياءً، وتَلِدينَ موتى.
بَطنُكِ بريدُ السماوات
وعلى بابِ رحمِك
يلعبُ القنّاصونْ وتضحكُ المقبرةْ.
: أنتِ غصّةُ الأرضْ.
........
تشيّعين... وتلدين...
إذن: كيف أخاطبكِ، وكيف أواسيكِ؟
عن أيّ هاويةٍ أنهاكِ؟ وإلى أيّ مهربٍ أُرْشِدُكْ؟
أنتِ التي تحلمين ما أحلم، وتبصرين ما أُبصِر...
أنتِ التي تعرفين ما لا تجرئين على تصديقِه:
الضعيف لا يَعبدُ إلّا ما يخافُه
والقويّ لا يفرحهُ إلّا خصيانُهُ ومقتولوه.
أمّا في ما يخصّ الغنائم
فالميراثُ لمن يَذبحُ وينتصر.
إذنْ، لا تُصدّقي إلّا خوفك
ولا تنصتي إلّا إلى عويلِ أحشائكْ!
ولكي تَسمعي صوتَ العالم
ضعي أُذنَ نفسكِ على صدرِ نفسك
وتَنَصّتي إلى دويّ آلامِ الأرضْ!
وتَذكّري!
تذكّري ما سبقَ أنْ عرفتِ ونسيت:
القتلةُ (كأنهم أنا وأنت!...)
في طريقهم إلى ولائمِ الدمْ
يتضرّعون إلى آلهةٍ شبيهةٍ بآلهتك
تَنْصرُهم في الضائقةْ
وتُسدّدُ خطاهم إلى خزائن الهيكل.
ثم، بعد أن ينتهوا من تفتيتِ عظامكِ ولحمكْ،
تُرَبّتُ على أكتافهم وتمنحهم الغفرانْ.
: هكذا يَنجون...
ينجون ويُبَرَّؤون.
تذكّري! وتذكّري!
في حروبِ الصلوات، كما في حروبِ الدمْ،
القويُّ يَعبدُ القويّ. والقاتلُ يجيبُ دعاءَ القاتل.
وحاجةُ الآلهةِ لأنْ تُعْبَد
أشدُّ ضراوةً من حاجةِ القَتَلةِ للحصول على البراءةْ.
إذنْ: كيف أواسيكِ؟.. إذن: كيفَ أعِدُكْ؟!..
أفما رأيتِ إذنْ؟!
أفما صَدَّقتِ وخِفتِ وأنكرتِ؟!
إنْ لم يكن أخافَكِ عواءُ اليائس
وما يهذي بهِ طالبُ الغوثْ
فخافي ما عرفتِ وأبصرت!
خافي بكاءَ من بكيتِ.
خافي خوفَ المذبوح، وإشراقةَ عينِ القاتلْ.
خافي موتكْ!
خافي دهاءَ المصَلّين
الذين، بعد أنْ نهبوا وأهلكوا واستباحوا،
أشعَلوا شمعةً في محرابِ كنيسة الربّْ
وسرقوا الغفرانْ.
ثمّ، بعدَ أنْ مضغوا الكبدَ والقلبَ والأملَ
وسبائكَ الذهبِ والدمْ،
راحوا يتقرّبون إلى الله بشموعٍ وأرغفةٍ
وابتساماتٍ حامضةٍ تُرمى في وجوهِ الهَلَكةِ والمحرومينْ.
يا أللّـه! يا أللّه!
حتى شموعُهم (حتى شموعُهم )
معمولةٌ من شحومِ عابِديكَ وأبنائِكْ.
يا ألله!... يا مَن هو شبيهٌ باللّـه!
........
هكذا. دائماً هكذا:
من أجلِ العدالةِ تُبتَكَرُ الجريمةْ
وعلى قياسِ أفئدةِ الوحوشْ
تُصنَعُ الآلهة.
........
نعم، اِبكي!...
13/9/2012