الآن يا صاحبي، الآن يا قدّيسي،
الآن، وأنا أتملّى في نصاعةِ راحتيك، وأتَنَسَّمُ رائحةَ البخور تفوحُ من أصابعكَ وقدميكَ وأَمعائِك،
الآنَ، ودموعي توشكُ على الانسكابِ مِن صُدوعِ قلبي وأنا أتَنَصَّتُ إلى أصداءِ صلواتك،
الآن، الآنَ فقط،
الآنَ، بعدَ دهورٍ من العمى وضحالةِ الحواسّ والعقل،
الآنَ أُصَدّقُ صحةَ هذه المسلّمة:
«لكي ترتقي إلى منزلةِ الشيطان
عليكَ أنْ تُـثْـبِتَ أوّلاً
أنكَ كُنتَ ولا تزال... قدّيساً».
الآنَ أُصدِّق.
6/3/2015

سفراءُ الموت



الإنسانُ حيوانٌ مقلوب:
حيوانٌ لا يتقدّمُ إلّا... إلى الخلف.
الإنسانُ سفيرُ موتِهِ إلى نفسِه.
القاتلُ يصلّي: «إلهي، قَوِّني وانصرْني!».
الضحيّةُ تصلّي: «إلهي، نجِّني!».
بين صلاةِ القاتلِ وصلاةِ ضحيته
ليس إلّا ضحكةُ السماوات.
الصلاةُ هي صوتُ أسرارنا ومكائدنا:
«إلهي! اجعلِ الجميعَ أمواتاً
وأَعِدْني إلى أصْليَ العتيق: الوحش»!
نَقتلُ، نَغتصِب، نخونُ، نخافُ ونصنعُ الخوف.
ولأننا لا نَقبلُ بما هو أقلّ من البطولة:
نتباهى بما أُسنِدَ إلينا مِن رخيصِ الوظائف، وما أُلقِيَ إلينا من بذيءِ البركاتِ وقميءِ الأوسمة؛
ثم، بعد أنْ لا يكونَ قد بقيَ لنا ما ننتظرهُ غيرُ الموت، نثوبُ إلى خوفنا... ونندم.
نعم: «نحنُ سفراءُ الموت».
6/3/2015