منذ أوّل من أمس، ضجّت الجزائر والمغرب بخبر وفاة مغني الراي الشاب عقيل (1983 ــ الصورة)، بعد تعرّضه لحادث سير برفقة زوجته الحامل وعازف «السِنثسايزر» فتحي بالقرب من مدينة طنجة المغربية حيث كان متواجداً لإحياء حفلة غنائية. وما هي إلّا ساعات حتّى انتشر أيضاً خبر وفاة الزوجة إثر جروح أصيبت بها في الحادث، فيما لم يتعرّض فتحي لأي أذى. «الديوان الوطني للثقافة والإعلام» في الجزائر سارع إلى تقديم التعازي، وعبّر محبّو المغني عن أسفهم لرحيل أحد ﺃهم ﺃسماء الجيل الجديد باكراً. أعاد الراحل للراي العاطفي مكانته، ونافس في السنوات العشر الماضية جيل الثمانينيات مثل الشاب خالد، والشاب مامي، والشابة فضيلة، والشاب صحراوي وغيرهم. غيّر عقيل الموضة وقلب المعادلة، وﺃثبت ﺃنّ مغني الراي ليس مضطراً للسفر ﺇلى الخارج (كما فعل سابقوه) لكسب شعبية، وحشد ﺇجماع داخلي. ظلّ صاحب أغنية «مازال... مازال» متنقلاً بين مدينتي وهران وعنابة الجزائريتين، فيما زار تونس والمغرب مرّات قليلة، ليعزز علاقته بجمهور الداخل.

وتزاحم ﺃغانيه أعمال فنانين فضّلوا الاغتراب والعيش وراء البحار. تخصّص الشاب عقيل في ﺃغنية الراي العاطفية، وقد سبق أن قال إنّ الشاب حسني (1968ــ1994) «هو معلّمي، وورثت عنه عشق الموسيقى». كانت بدايات عقيل من ملاهي وهران الليلية. هناك بدأ hسمه بالبروز تدريجاً، خصوصاً بعد نجاح ﺃلبومه الﺃوّل «تحسدو ولا تغيرو» (1996) الذي بيع منه ﺃكثر من مليون نسخة، لتتوالى بعدها النجاحات، مع ﺃغاني Malade Mental و Ne Me Quitte Pas ،Avis De Recherche، وآخرها «ديرولها العقل» (2010). ﺇضافة ﺇلى كونه مغنّياً، لحّن عقيل جميع أغنياته ووزّعها موسيقياً. ﺃما الكلمات فقد تعاون على تأليفها مع عدد من الكتاب، محافظاً على صلة تربطه بالشارع من خلال صياغة جزء من حياته. الموسيقار الصافي بوتلة علّق على رحيل المغني قائلاً: «تعرّفت إليه عام 2000. كنت سعيداً جداً بنجاحه. للأسف خطف الموت رجلاً طيباً ومغنياً رائعاً». أما الشاب مامي، فاعتبر أنّ الراحل كان «من أهم أصوات الراي. كنت أستمع إليه فقط من بين أسماء الجيل الجديد». حافظ الشاب عقيل دائماً على مسافة بين راي الثمانينيات والراي الجديد، لم يدخل موجة New Rai، ورفض الانخراط في مسارات التمييع التي تعرفها الاغنية الجزائرية عموماً. ألبوماته قليلة، وفي الغالب هي تسجيلات لحفلات يحييها في سهرات خاصة، لكنّه على خلاف زملائه من المغنين المحليين، فقد سبق له أن صوّر عدداً من الكليبات، بدءاً من «الدنيا» (2002) وصولاً إلى «وين تبانو نتوما وين» (2012) مع فرقة «موكوبي». كما افتتح عام 2006 ﺃلبوم «Rai n b fever 2» بفيديو كليب مشترك مع فرقة Magic System من ساحل العاج. الشاب عقيل هو صورة من مشروع لم يكتمل في محاولة تحديث الراي، وخصوصاً ما يطلق عليه تسمية Rai Love. رغم نجاحه المبكر، فقد ساهمت عوامل كثيرة في كبح تجربة عقيل، خصوصاً مع تواصل الرقابة على الأغاني في المهرجانات الرسمية، إذ لم يستطع تأدية الكثير من الأغاني التي سجّلها. محاولة فهم المغني الشاب تستوجب العودة إلى ما تركه من ريبرتوار في أشرطة كاسيت وتسجيلات ليست متاحة للجميع.