فيما طرابلس تغرق في دماء أبنائها، خرج مواطن لبناني ــ من شدّة الحسرة ــ ليعلن تحدّي كل السياسيين والمسؤولين اللبنانيين. انتشر مقطع فيديو لا تتجاوز مدّته الثلاثين ثانية من الموقع الإلكتروني لـ«المؤسسة اللبنانية للإرسال» ليجد طريقه إلى مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
وبلمح البرق، تحوّل «أبو الغضب» إلى مثال أعلى للكثير من روّاد مواقع التواصل. أشخاص قالوها صراحةً: «أبو الغضب يمثّلني»، في وقت ملّوا فيه «الأسطوانة» اللبنانية المشروخة! علماً أنّه بعد الشعبية الواسعة التي حققها خلال اليومين الماضيين، نشرت القناة اللبنانية الفيديو على صفحتها الرسمية على فايسبوك وسألت متابعيها: «هل يمثّلك أبو الغضب؟». في الوقت الذي كانت lbci تستطلع فيه آراء الطرابلسيين في ما يحدث لفيحائهم، توقّف الرجل المسن أمام الكاميرا وصرخ سائلاً: «أين رئيس الجمهورية؟»، مضيفاً: «قذائف الهاون ملأت البلد، والأطفال قتلى على الطرقات»، ليعود ويتساءل (سؤال العارف طبعاً): «وين النوّاب والسياسيين». وفي معرض حديثه الذي ينمّ عن وجعه، وجد «أبو الغضب» أنّه من الضروري تذكير الرأي العام بأنّ «عدوّنا هو إسرائيل وبس». في النهاية، لم يستطع الرجل تمالك أعصابه، فانفجر غضباً مطلقاً شتائم من العيار الثقيل على الزعماء جميعاً «من كبيرهم لصغيرهم».
«يسلم هالتم»، «فشيتلّي خلقي»، «هو يمثّل كل مواطن لبناني يريد العيش بكرامة»، «الزعماء كوّنوا مناعة على الشتائم». تلك عيّنة من تعليقات المديح التي حظي بها كلام «أبو الغضب» وانهالت على الصفحات الإفتراضية. أجمعت كل هذه التعليقات على أنّ «أبو الغضب» نطق بلسان حال كلّ المواطنين على امتداد البلد. وفي زحمة التأييد، خرجت أصوات تسأل مؤيدي «أبو الغضب» عن سبب تقاعسهم عن التغيير إذا كانوا يؤمنون بآرائه. كتب أحدهم قائلاً «غداً عندما يحين موعد الإنتخابات تنساقون كالغنم إلى صناديق الاقتراع لاختيار الأسماء نفسها»، ليخلص في نهاية المطاف إلى أنّه «عبَث، فالج لا تعالج». اسم «أبو الغضب» يردّنا إلى ذكريات الحرب الأهلية المقيتة، يوم كان هناك في كل حيّ «أبو الجواهر»، و«أبو الليل»، و«أبو الجماجم»... ورغم «الشلل» الذي يصيب القوة التغييرية في المجتمع اللبناني، إلاّ أنّ بضع كلمات لرجل ذاق لوعة التفرقة والقتل هزّت الجمهور (ولو افتراضياً) لتدلّ على حالة «قرف» مزمنة... لكن متى ستترجم بخطوات فاعلة على الأرض؟