بعد أيام على إشادة وزارة الخارجية الأميركية بتحسّن أوضاع الحريات العامة في الجزائر، اصطدم الرأي العام المحلي بحادثة اعتقال مغني الراي الشاب فيصل (33 عاماً) الأحد الماضي إثر تقديم «المديرية العامة للأمن الوطني» شكوى ضده اتهمته بـ«الإساءة إلى مؤسسة رسمية». تهمة جاءت على خلفية أغنية «ماماميا» التي أدّاها الشاب فيصل في إحدى الحفلات في وهران (شمال غرب) وسخر فيها من المديرية ومديرها العام عبد الغني هامل. تضمنت الأغنية عبارة «بوليسي زامل»، وهي عبارة (أي زامل) تحمل الكثير من المعاني باللهجة الجزائرية المحكية، منها ممل ومستفز وواشٍ. الشاب المتخصص في أداء الراي العاطفي (Rai-love) يقبع حالياً خلف القضبان في انتظار محاكمته اليوم بتهمة «الإساءة إلى مؤسسة رسمية». وفي حال ثبوت التهمة، لا يستبعد أحد المحامين سجنه ستة أشهر، فيما يُرجّح أن يخلى سبيله بسبب ضعف الأدلة لأنّ القاضي سيلجأ فقط لتأويل كلمات الأغنية، وهو ما لا يكفي حتى للتفكير في اعتقاله. أغرب ما في الأمر أنّ الجهات الأمنية لم تتنبّه لأغنية «ماماميا» سوى بعد ستّة أشهر على تأدية الشاب فيصل لها، بعدما انتشرت في مدرجات ملاعب كرة القدم، وعلى ألسنة الشباب والمراهقين، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كافة. واستند القضاء في ادعائه إلى تسجيل صوتي من حفلة وهران، خصوصاً أنّ الأغنية لم تسجّل في الاستديو.

علماً أنّها ليست المرة الأولى التي يحاكم فيها فنان راي بسبب أغنية، إذ سبق أن أدين نجم «الراي العروبي» الشاب عزالدين في ولاية الشلف (غرب العاصمة) بالحبس لمدة سنة عام 2007 على خلفية أغنيته «شوف الحقرة شوف» الصادرة عام 2005. أغنية ذكر فيها اسم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وممثل النيابة العامة. بغض النظر عن طبيعة الحكم الذي سينطق به القضاء في قضية الشاب فيصل، فإنّ مجرد اعتقاله بسبب كلمات أغنية يعتبر انتهاكاً واضحاً للحريات العامة في الجزائر، تزامناً مع احتفالها بخمسينية الاستقلال واسترداد الحرية!