لم تقتصر الصدمة التي أحدثتها وفاة المغني العراقي صلاح عبد الغفور مساء أمس الأوّل على محبيه في بلاد الرافدين، بل امتدت إلى كل المعجبين بالفن العراقي الأصيل. رحل عبد الغفور في حادث سير على طريق المطار في محافظة أربيل (شمال) عن عمر ناهز ستين عاماً، تاركاً ثلاثين ألبوماً غنائياً وأكثر من 300 أغنية. غنّى الراحل المقام العراقي، والأغاني العراقية التراثية، من دون أن ينسى الأغنيتين العاطفية والوطنية، كما أدّى الكثير من المطربين أغانيه لاحقاً، أبرزهم الفنان التركي إبراهيم تاتليسس (1952) الذي غنّى إحدى أشهر أعمال عبد الغفور «شلونك عيني شلونك».
وإلى جانب هذه الأغنية، حفرت الكثير من أغنيات الراحل الذاكرة العربية مثل أول إصداراته «حلوة يالبغدادية»، و«خسرتك يا حبيبي»، و«لا تلوموني»، و«إنت الغلطان»، و«كل يوم لك ميعاد»، و«إلعب يالأسمر». كغيره من زملائه، عانى المغني من أصل كردي كثيراً من إضطهاد السلطات العراقية أيّام الرئيس السابق صدام حسين، إلّا أنّه استطاع أن يحافظ على إنتاجه الفني (كمّاً ونوعاً)، مبقياً على إيمانه بالفن الملتزم، وقربه من هموم الناس. آخر تجارب الراحل كانت تلفزيونية، حين تولّى إعداد وتقديم برنامج غنائي أسبوعي بعنوان «صولو» على فضائية AUC العراقية. وسبق لعبد الغفور أن وصف البرنامج في أحد التصريحات الصحافية قائلاً: «أنا لست مقدّم برامج، لكن أتتني الفكرة من رغبتي ومحبتي لدعم الفن العراقي».
بلغ الفنان عزّ مجده في بغداد الثمانينيات. قبل ذلك، كان قد تقدم إلى اختبار الإذاعة والتلفزيون عبر برنامج «ركن الهواة» عام 1961، جاذباً الأنظار بأغاني المطرب العراقي الراحل ناظم الغزالي. وجد عبد الغفور طريقه إلى «الفرقة القومية للفنون الشعبية» عام 1973، قبل أن يصبح عضواً في «فرقة الإنشاد العراقية». عام 1977 التحق بـ«معهد الدراسات النغمية» وتخصص في غناء المقام العراقي، والعزف على آلة الكمان. بعد تخرّجه، انضم عبد الغفور إلى «فرقة التراث الموسيقي العراقي» (أسسها (منير بشير)، وشارك إلى جانبها في الكثير من المهرجانات والحفلات العربية والعالمية.
رحل ابن محافظة ديالى (شرق) من دون أن يحقق الكثير من الأمنيات التي لازمته في الفترة الأخيرة، بعضها يتعلّق بحبّه الأوّل كرة القدم، وبعضها الآخر مهني. كان يحلم بمتابعة المنتخب الوطني العراقي في نهائيات كأس العالم المقبلة، كما فكّر في إعادة توزيع اُغنيات ناظم الغزالي، إضافة إلى طموحه لتقديم المقام العراقي مع «فرقة الأوركسترا السمفونية القومية العراقية».
(الأخبار)