تونس تعيد الاعتبار إلى الطاهر الحدّاد

  • 0
  • ض
  • ض

تونس | في حركة غير مسبوقة، قرٌرت وزارة العدل التونسية أمس إعادة تعيين المفكّر والمصلح الاجتماعي الطاهر الحداد (١٨٩٩ ــ١٩٣٥) في جدول مساعدي القضاء الذي فُصل منه عام 1930 بسبب كتابه «امرأتنا في الشريعة والمجتمع». يومها، صودر الكتاب وفُصل صاحبه من عمله وأُخرج من ملّة الإسلام، بعدما هاجمه عدد من شيوخ «جامع الزيتونة» المتشدّدين الذين كفّٰروه. قرار وزارة العدل التونسية أُعلن أمس في مناسبة الندوة الفكرية التي نظّمها «مركز الدراسات والبحوث والدراسات» حول المرأة، تزامناً مع قرار آخر لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. منح الرئيس الحداد الوسام الأكبر للجمهورية. هذا التكريم الرمزي جاء في وقت تشتد فيه المواجهة في تونس بين التنويريين ورثة الحدّاد، والإسلاميين المتشدّدين، الذين يسيطرون على جزء كبير من الشارع التونسي ومن الفضاء العام، فضلاً عن المساجد، وتأسيسهم لمدارس قرآنية ومعاهد لتدريس العلوم الشرعية. وهو ما يمثّل تهديداً فعلياً لمكاسب المجتمع التونسي على مدى أجيال، وكان الحداد من روّادها منذ عشرينيات القرن الماضي، عندما دعا الى تعليم المرأة واستقلاليتها الاقتصادية وحقٰها في الزواج والطلاق. وهي المبادئ التي تجسّدت لاحقاً في مجلة الأحوال الشخصية في آب (أغسطس) عام ١٩٥٦. الاحتفاء بالطاهر الحداد أمس كان له وقع خاص. للمرّة الأولى تستجيب السلطة لمطالب المثقفين والمؤرخين بإعادة الاعتبار رمزياً إلى مفكّر عاش محنة التكفير والبطالة والحرمان من الزواج، وأنهى حياته مشرّٰداً في الشوارع، خائفاً من المتشددّين الذين بالغوا في إهانته، إلى حد أنّه اضطر إلى ملازمة بيته. يعود الطاهر الحدّاد إلى الأضواء كلّما تعلّق الأمر بقضايا المرأة وحقوقها، أو كلّما حانت ذكرى وفاته أو ميلاده، فيما مات الذين هاجموه وكفّٰروه. هكذا، سيبقى الطاهر الحدّاد حيّاً في ذاكرة الثقافة العربية، كواحد من روّاد التنوير والإصلاح والحرية.

0 تعليق

التعليقات