لا حاجة إلى مسارح أو دور سينما في السعودية. في كل مناسبة ثقافية، يطل علينا المحتسبون وأسود «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بمسرحية أو فيلم ضد المثقفين. نكتة سيتناقلها المواطنون طويلاً ولن تفارق صفحاتهم الافتراضية قريباً!
أيام العسل بين المثقفين والهيئة انتهت مع نهاية «معرض الرياض الدولي للكتاب» أمس، إثر مداهمة الجهاز الديني فندق «مداريم كراون» المخصص لاستقبال الضيوف في العاصمة. بعد انتهاء ندوة ضمن برنامج «الإيوان الثقافي» التابع لفعاليات المعرض، لفت صراخ المحتسبين أنظار المثقفين حين طالبوا بالفصل بين الجنسين، من دون أن يخلو الأمر من مشادات وصلت إلى حد العراك بالأيدي. حادثة لم يمنعها وجود وكيل «وزارة الثقافة والإعلام» ناصر الحجيلان الذي انسحب قبل تفاقم الوضع.
مواقع التواصل الاجتماعي تلقّفت الموضوع سريعاً وخرجت صفحات حملت أسماء «مداهمة فندق مداريم كروان»، و«دوري المحتسبين»، و«مناصحة المثقفين»، و«أسود الهيئة» وغيرها. وبعيد نشر صور الحادثة على أحد المواقع الإلكترونية السعودية، نبتت على تويتر حملات مؤيدة وأخرى معارضة. إحدى المغردات كتبت: «مداهمة؟ أو زيارة أو غزوة؟ مناصحة أو احتساب أو حوار؟ في الفندق، أو في البهو، أو عند الباب الخارجي؟ تساؤل».
إذاً، اكتمل آخر فصول «قانون الطوارئ الديني»، فيما عادت صور قديمة للروائي عبده خال إلى جانب كاتبات سعوديات خلال «مؤتمر المثقفين السعوديين» في نهاية 2011 (غطيت وجوههن هذه المرة) للظهور على تويتر، في محاولة للتذكير ببطولات الهيئة في الحد من نفوذ المثقفين. يومها، اتُّهم خال والمثقفين الموجودين في «فندق الماريوت» بالتحريض على الاختلاط في الفعاليات الثقافية التي تشرف عليها وزارة الإعلام. تعامى عبده خال عما حدث قبل عامين، وظهر يوم الثلاثاء الماضي في جناح الهيئة الدينية في المعرض، مصافحاً رجالها ومرحّباً بـ«انفتاحهم»، ومسجلاً كلمة ترحيبية على دفتر الزيارات الخاص بها.
لن تتحدث الصحف عن نسب المبيعات الخيالية للمعرض، أو الجولات المصطنعة لوزير الثقافة والإعلام عبد العزيز خوجة على دور النشر والمثقفين، أو حتى توزيع محتسبات نساء حلوى تحمل عبارات ضد حقوق المرأة وضد اتفاقية «سيداو» للقضاء على جميع أشكال التمييز على جمهور المعرض. سيرسخ في ذهن الوسط الثقافي والإعلامي «خناقة» انتهت سلمية، بينما كان الجميع ينتظر إشهار السيوف واستخدام المنجنيق!