في صيدا، لا يمكن لحفلة زياد الرحباني، سواء حملت اسم غزة أو سواها، إلا أن تنشد أغانيها وموسيقاها على مسرح مركز معروف سعد الثقافي. هنا، إذا ما قلنا الرحابنة أو غزة، فإن حنايا الصرح الذي يحمل اسم شهيد الفقراء، تردد صداها في عشرات الأمسيات الموسيقية والشعرية واللقاءات الوطنية والاحتفالات والحفلات الملتزمة.
لا يضير المركز أنه تأسس عام 1988 بقرار وتخطيط من النائب الراحل مصطفى سعد، وبتمويل من رجل الأعمال حينها رفيق الحريري. كان الأخير يعرض الدعم على فعاليات المنطقة، فاختار سعد أن يستفيد من دعمه للصالح العام.
في المدينة التي فُرض التغيير على بعض هويتها، بات المركز الملجأ الأخير حيث يمارس من لا مكان لهم، فنونهم وثقافتهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية. يقول معروف مصطفى سعد، مدير المركز، إن المركز يعمل من وحي اسمه. فكما كان بيت جده المناضل الشعبي مفتوحاً للجميع، يفتح المركز أبوابه وقاعاته وملاعبه ومسرحه ومكتبته العامة لكل من يشبهه ويحاكي المبادئ والثوابت التي استشهد لأجلها. وهو يستضيف أنشطة الجمعيات والنوادي والأحزاب والناشطين مجاناً، إن لم يكن طابعها تجارياً، وتتحمل إدارته نفقات تجهيزها وتنفيذها. ولا تخلو أجندته الأسبوعية من أمسية لشعراء هواة أو نشاط لجمعية أهلية أو معرض لحزب لبناني أو فلسطيني. إذ «ليس مسموحاً بأن يقفل مركز يحمل اسم معروف سعد» يقول معروف الحفيد، برغم التكاليف التي تتكبدها الإدارة من صندوقها الخاص.
انقسام صيدا سياسياً في السنوات الأخيرة، حوّل المركز الثقافي إلى مكتب سياسي لأحزاب التيار الوطني. أروقته شهدت استعدادات التنظيم الشعبي الناصري وحلفائه للانتخابات البلدية منذ عام 1998 وللانتخابات النيابية منذ عام 1992. وحول اسمه، تحلق هؤلاء لتدارك ظاهرة أحمد الأسير والانتحاريين، ليقولوا إن «صيدا معروف سعد»، مثل مركزه، لا تقفل أبوابها.