على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

الباذنجان خضار غير مُقدَّر في أميركا. تلتقي مع أميركيّين لم يذوقوه في حياتهم. والمغامرة الطعاميّة غير سائدة هنا. أذكر مرّة دخلت حلقة مطاعم في مجمّع تجاري، وصاح ولد بأبيه ما معناه أنه يريد مطعم الوجبات السريعة فيما كان مُحاطاً بأطباق من كل أنحاء العالم. الأتراك والعرب يقدّرون الباذنجان حقّ تقدير. الإيطاليّون يستعملونه لكنّهم يطمسونه بالبندورة. وعلّمني عالم الاجتماع البريطاني، سامي زبيدة (وله دراسات عن ثقافة الطهي وتاريخها في الشرق الأوسط)، أنّ البندورة تقتل نكهة الطعام لأنّها تطمس أي نكهة غيرها. والأطباق التي تحتوي البندورة في مطابخنا هي مستجدّة لأنّ البندورة دخلت بلادنا متأخرة، كما البطاطا (والأسماء تعطي فكرة عن التاريخ). الباذنجان في بلادنا موجود في أطباق متنوّعة لكن قليَه هو الأكثر شيوعاً. هذا هو الطبق المفضّل عندي ــــ من دون أن أفترض أنّكم تكترثون لرأيي في الموضوع. عندما قدمتُ إلى أميركا، حاولتُ مبكراً قلي الباذنجان. وكانت صدمة كبيرة لي. تقشّره وتضعه في مقلاة، لكنّه يشرب ــــ من دون مبالغة ــــ نحو قنّينة من الزيت. الباذنجان البلدي من منطقة صور هو الأفضل في تجاربي المختبريّة لأنّه بالكاد يستوعب الزيت. هنا، الباذنجان حتى لو كان بلدياً يمتصّ الزيت كما الإسفنجة (عندما زارتني والدتي هنا للمرّة الأولى ولم تكن البروكولي شائعة في بلادنا، حاولت قلي البروكولي لأنها تشبه القرنبيط فما كان من البروكولي إلّا أن انفجر في المقلاة وكاد الموضوع يتحوّل إلى مكتب التحقيقات الفدرالي). البابا غنّوج شائع في المطاعم العربيّة لكن البيارتة العتاق كانوا يطلقون اسم البابا غنّوج على الباذنجان المشوي من دون طحينة لأنّهم كانوا يفضّلون طعمه من دون طمسه بالطحينة أو البندورة. وطبق المسقّعة أو المغمور موجود في أطباق بلاد الشام التي تقدّر الباذنجان. والباذنجان لذيذ جداً فوق البيتزا لو كان مقليّاً وهذا غير شائع في بلادنا. والطريف أنّ الباذنجان على البيتزا شائع في نيويورك وبوسطن لكن ليس شائعاً في أماكن أخرى في أميركا. يُقال إنّ أوّل باذنجانة أميركية جلبها توماس جفرسون إلى هنا من باريس.

0 تعليق

التعليقات