على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

قد لا يدرك الكثير من القرّاء العرب طبيعة الحكم الأميركي في سنوات الحرب الباردة. كان هناك بروباغندا أميركيّة نتلقّفها في لبنان من خلال «النهار» ودار نشر «فرانكلن» ودور نشر عربيّة أخرى مختلفة مموَّلة من الحكومة الأميركيّة. مفاد الدعاية أنّ الحرب الباردة كانت تدور بين خير أميركي ديموقراطي وبين شرّ سوفياتي ديكتاتوري. طبعاً، لم يكن للديموقراطيّة أي جانب أو دور في الصراع. على العكس، كانت أميركا تكتّل ديكتاتوريّات العالم حولها من أجل ترسيخ موقعها وإضعاف الاتحاد السوفياتي. فورموزا وكوريا الجنوبيّة التوتاليتاريّة والحكم الفاشي في إسبانيا وحكم الجنرالات في اليونان وفي تركيا وحكومات الخليج الفاضلة لم تكن لها علاقة بالديموقراطيّة. أميركا كانت تسعى نحو السلطة العالميّة ولم تكن تريد آنذاك ــــ كما اليوم ــــ أي منافسة على موقعها. الحكم في داخل البلاد هنا كان تسلّطياً بصورة مختلفة عن تسلّط الاتحاد السوفياتي. العنصريّة والمكارثيّة (جنون رهاب الشيوعيّة) كانت من سمات الحكم هنا. جي إدغار هوفر حَكَمَ من دون انتخاب من خلال مكتب التحقيقات الفدرالي بين عامَي 1935 و1972 ــــ أي حتى وفاته. كان كل رئيس أميركي جديد (منذ جون كنيدي) يعزم على فصله لكنه يفشل لأسباب منها الابتزاز الذي كان يُخضع الرؤساء له بعون ملفاته السريّة. لكن كتاب بيفرلي غيج الجديد عنه، «جي مان»، يراجع التأريخ للمرحلة. ترى أنّ هوفر لم يكن حاكماً بأمره، كما صُوِّرَ، وأنّه لم يكن يتجسّس على المعارضة وعلى حركة الحقوق المدنيّة من دون إذن رسمي. كان سهلاً على التأريخ الأميركي السائد نسب المظالم لهوفر لإعفاء الرؤساء من المسؤوليّة. محّصت غيج في الأرشيف الرسمي للمكتب ووجدت أنّ هوفر كان «رجل مؤسّسات» ولم يكن فاتحاً على حسابه، وهذا يُدين المؤسّسات والنظام برمّته. سعى هوفر للحصول على أذونات وطلبات رسميّة من الرؤساء. هذا لا يبرّئ هوفر لكن يجعل منه عنصراً في نظام فاسد ومتسلّط وكان يسعى إلى هزيمة الاتحاد السوفياتي ولو بوسائل غير ديموقراطية في الداخل. كُتب هوفر ضد الشيوعيّة كانت تُدرَّس. كأن تدرسوا كتب أشرف ريفي عن الاحتلال الإيراني.

0 تعليق

التعليقات