على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا يتجلّى عدم المساواة في المجتمعات الرأسماليّة كما في التعليم. يتمتع خرّيجو المدارس والجامعات الخاصّة النخبويّة (وأنا منهم) بحظوة لا تقدّر بثمن. هي تضم فئة من الناس تحضّرهم المدارس للتفوّق في مجال العمل وفي مهن مختلفة لأن التعليم النخبوي خبير بتهيئة الناشئة للترقّي في الاقتصاد الرأسمالي. والتعليم بدأ في لبنان نخبويّاً فقط: المدارس الإرساليّة كانت متوافرة للمقتدرين فيما بقي المسلمون يدرسون في الكتّاب أو تحت الشجرة. والزعامات المارونيّة في لبنان تقصّدت حرمان المسلمين من التعليم لأنّها أدركت أنّ ذلك يساهم في إنتاج كفاءات منهم. الدراسات الحديثة عن التعليم تؤكّد بأنّ السنوات الأولى هي التي تقرّر نجاح أو فشل الطلاب إلى حدّ كبير. ليست «هارفرد» وغيرها من الجامعات الخاصّة النخبويّة الأكثر انتقائيّة في معايير الدخول: لا بل إنّ المدارس التمهيديّة الخاصّة (روضات الأطفال) باتت الأكثر تنافسيّة. هناك قوائم انتظار في تلك المدارس. في نيويورك مثلاً، تتنافس العائلات الثريّة لإدخال الأبناء (التبرّعات السخيّة لتلك المدارس أو الجامعات الخاصّة تضمن قبول الأولاد ــــ وهذه حظوة أخرى للأثرياء في البلاد الرأسمالية). هناك بلاد رأسمالية أوروبية (السويد أو النروج أو ألمانيا) تؤمن بالتعليم الرسمي فقط، وهو متاح للجميع وتكون الرسوم زهيدة مقارنة بآلاف الدولارات التي يدفعها الطلاب في الجامعات الرسميّة هنا (مثل جامعة ولاية كاليفورنيا التي أدرّس فيها ــــ أقول لتلاميذي إن الجامعة التي تفرض رسوماً بالآلاف ليست رسميّة بل خاصّة). طبعاً، هناك جامعات خاصّة مثل «جورجتاون» أو «نيويورك» حيث تزيد نفقات الطالب الواحد في السنة عن التسعين ألف دولار. كنت في «الجامعة الأميركيّة في بيروت» أخطّط على أوراق مقوّية شعار: «الحلّ، الحلّ، تأميم الجامعة»، وأعلّقه على الجدران. ولا زلت أؤمن بهذا الشعار والهدف. حتى الذي يهمل الدراسة في المدارس النخبويّة يبقى متفوّقاً في المنافسة الرأسمالية لأنّ التأسيس يكون قويّاً بالإضافة إلى الإعداد النفسي من حيث مدّ الطالب بثقة فائضة في النفس ــــ وهي وفيرة عند الطبقات المحظيّة.

0 تعليق

التعليقات