على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

سخر سمير عطالله على مدى أسابيع (في «الشرق الأوسط») من أحمد سعيد في معرض كلامه عن تاريخ الإذاعات العربيّة. من العادي جداً السخرية من أحمد سعيد في صحافة الخليج. كيف لا؟ والخليج قدّم لنا نموذجاً محتذى من الإعلام، وتركي آل الشيخ بات يسبغ الجوائز الإعلاميّة تماماً كما يسبغها من دبي محمد بن راشد، راعي الإعلام والفن. في عام 1974، كان عطالله يقود سيّارته برفقة ميشال أبو جودة عندما أوقفهما مسلّحون وخطفوا الأخير (النظام السوري كان مسؤولاً عن الخطف). يومها، صرخ سمير عطالله وطالب الخاطفين ـــ بما معناه ــــ بفعل ما يشاؤون بأبو جودة مقابل أن يطلقوا سراحه (سمعت الرواية من عائلة أبو جودة). يومها، ركض عطالله نحو جريدة «النهار» وهو ينتحب. لكن أن يعيّر عطالله (المعروف بتسخير قلمه على مدى عقود طويلة لصالح أمراء وشيوخ وفاسدين متعدّدين) أصحاب رأي، فهذه قمّة الوقاحة. قل ما تشاء عن أحمد سعيد، لكنّ الرجل رجل قناعة ومبدئيّة. ماذا يعرف عطالله وكتّاب الرأي في صحف آل سعود عن المبدئيّة والقناعة؟ القناعة ليست الأجرة، وأحمد سعيد هدر بصوت عن مبدأ لا عن مصلحة. تحدّثتُ معه مرة عبر الهاتف وزاد إعجابي به (هو طبعاً لم يكن مسؤولاً شخصيّاً عن التهريج الإعلامي الذي صاحب هزيمة 1967 ــــ الحكومة المصريّة والقيادة العسكريّة كانتا مسؤولتيْن). أحمد سعيد يمثّل النقاء الإعلامي فيما يمثّل كُتّاب صحف آل سعود الدعاية السياسيّة الفجّة. لم يكتفِ عطالله بذمّ الراحل سعيد بل زاد في الأمر قبل أيّام ليسخر من جورج حبش وإدوار سعيد وذمّ القضيّة الفلسطينيّة بسبب عمليّة ميونخ (المسؤول عن قتل الضحايا في ميونخ هو الشرطة الألمانية وحكومة العدوّ). سمير عطالله اقتفى في مسيرة عمره بمواقف النظام السعودي: أيّد النظام السوري عندما أيّده النظام السعودي وهجاه عندما هجاه. هو أيّد صدام حسين عندما تبنّته دول الخليج وهجاه بعد موته وانقلاب الأنظمة الخليجيّة عليه. هذا مسار مهنة، لكنّها ليست مهنة الصحافة.

0 تعليق

التعليقات