موسكو | منذ نهاية آب (أغسطس) لغاية منتصف الشهر الحالي، استضافت روسيا اثنين من كبريات المهرجانات السينمائية المقامة سنوياً: «مهرجان موسكو السينمائي الدولي»، و«مهرجان قازان السينمائي الدولي الثامن عشر». بالرغم من محاولات الغرب فرض عقوبات ثقافية شملت قطاع الإنتاج السينمائي، إلا أنّ الامتداد الجغرافي للأفلام المشاركة اتّسع ليضمّ مشاركين من قارات العالم كافة.في إطار «مهرجان موسكو» الذي أقيم في العاصمة الروسية، شاركت 65 دولة بحوالى 230 فيلماً، من بينها 20 فيلماً جلبها منتجو الأفلام من الهند وفرنسا. وبالرغم من مشاركة قياسية غير مسبوقة لمنطقة الشرق الأوسط، إلا أنّ غالبية الأفلام الإيرانية الستة عشر المعروضة سلّطت الضوء على وجهة نظر معارضين للنظام الإيراني الإسلامي، مدعومين من دول غربية، مقابل فيلمين وثائقيين فقط أُنتجا في إيران، ولم يحملا الطابع الاستفزازي. حاز الاثنان اهتمام لجنة الحكام والجمهور أولهما «18 قدماً» (إيران 2020) للمخرج الإيراني مهدي شاهمحمدي الذي تناول مجريات الحرب في سوريا، والثاني بعنوان «المطر والرصاص» للمخرج الإيراني مرتضى بايشيناس. وشهد الحدث تنوعاً في المشاركة الفعالة، إذ شاهدنا أفلاماً أميركية لاتينية وأخرى صينية، تقابلها أفلام كورية جنوبية.
حالما اختُتم «مهرجان موسكو»، انطلق «مهرجان قازان الدولي للفيلم الإسلامي»، الذي تلقى أكثر من 600 طلب مشاركة من 44 دولة، وصلت أفلام 23 دولة منها إلى التصفيات النهائية. وضمّت لجنة التحكيم أسماء من أستراليا والجزائر وألمانيا ومصر وإيران والهند وكازاخستان والإمارات العربية المتحدة وطاجيكستان وتركيا.
وتمثل لبنان في فيلم روائي طويل بمشاركة ألمانية حمل عنوان «الغضب» (2021 ووثائقي «أنا لست لقيطاً» (2022 ـ مشاركة رومانية). حمل الفيلمان توقيع المخرجة الروسية ماريا إيفانوفا سواري، التي اجتهدت في تقديم أفلام عدة عن لبنان خلال السنوات الماضية. تناول «الغضب» موضوع الإرهاب المعادي للإسلام في الشرق الأوسط كتجربة أولى للمخرجة في هذا النوع. يروي الشريط قصة فتاة لبنانية صغيرة اسمها إيدا (أدت دورها الممثلة اللبنانية منال عيسى)، كادت أن تسقط في فخ إرهابي مجنون قادم من أوروبا. فاز «الغضب» بالجائزة الخاصة لـ «نقابة نقاد السينما» و«اتحاد المصوّرين السينمائيين في الاتحاد الروسي»، كما حاز مصوّره توماس فيرولي جائزة أفضل مصوّر فيلم روائي طويل. أما الفيلمان الفائزان بتقدير لجنة التحكيم الرئيسية والجوائز الأولى لمهرجاني «موسكو الدولي الرابع والأربعين» و«قازان الثامن عشر»، فكانا روائيين إيرانيين. الجائزة الأولى عن أفضل دور نسائي و«جائزة اتّحاد نوادي السينما الروسية للفيلم الروائي الإيراني الطويل» نالها فيلم «من دون موعد مسبق» للمخرج بهروز الشعيبي. تدور فكرة الشريط حول الاستشفاء الطبيعي التراثي والمقومات الكامنة في أرض الوطن ولدى مواطنيه المتمسكين بثقافتهم الغنية.
أما الفيلم الروائي الطويل الحائز جائزة أفضل فيلم في «مهرجان قازان» وجائزة أفضل ممثلة وجائزة لجنة التحكيم الأولى، فكان من نصيب «المجد الصامت» (إيران ــــ 2022) للمخرجة ناهد حسن زاده.
رغم بعض المقاربات المتناقضة مع توجهات السياسة الروسية الوطنية في التعاطي مع شركائها الأساسيين، سجّل المهرجانين تطلعاً متعاظماً باتجاه الشرق على المستوى الثقافي.