على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أميركا تغيّرت كثيراً منذ قدومي عام 1983. النظام السياسي فقد شرعيّته عند نصف الشعب. الانقسام في القضايا الاجتماعيّة والثقافيّة لا يقلّ حدّة عن الانقسام في القضايا السياسيّة. حتى الانتخابات تفقد شرعيّتها باستمرار. ليس ترامب أوّل من شكّكَ في النتائج عام 2020. سبقه الحزب الديموقراطي عام 2016، عندما بلورت هيلاري كلينتون قناعة مفادها أنّ ترامب لم يفز في الانتخابات عن حقّ بل إنّ الحكومة الروسيّة تآمرت مع الحزب الجمهوري لإنجاحه، لأنّها تخشى صلابة هيلاري في المفاوضات الدوليّة. طبعاً، لم يُقدّم دليل على نظريّة المؤامرة تلك. وعندما خسر ترامب الانتخابات، قدّم نظريّة مؤامرة خاصّة به وأقنع جمهوره (نحو نصف الشعب) بأنّ الانتخابات سُرقت منه. الولايات التي تخضع للحكم الجمهوري باتت تغيّر وتعدّل في قوانينها الانتخابيّة من أجل تسهيل الطعن في النتائج. الحزب الديموقراطي ليس أعقلَ من الجمهوري وهو لا يزال يرى أنّ روسيا تساعد ترامب والجمهوريّين سرّاً (ليس من دليل يملكه الحزب الديموقراطي غير أنّ روسيا نشرت دعايات على فايسبوك). كيف تحسم البلاد انتخاباتها وكل فريق يُشكِّك في النتائج عندما يخسر؟ هذا التعريف القاموسي لنقصان الشرعيّة السياسيّة للنظام: الطرفان لا يتفقان أنّ اللعبة منصفة للرابح والخاسر معاً ـــ وهذا شرط أساسي للاستقرار السياسي. كانت الطبقة السياسيّة هنا تسخر مرّة كل أربع سنوات من تلك الدول حول العالم التي تشهد عدم تسليم بنتائج الانتخابات. كنت أسمع أعضاء في الكونغرس يصيحون: «فقط في أميركا»، هناك استقرار وسكينة حتى عندما تكون النتائج متقاربة بين مرشّحين رئاسيّيْن (نزهو في لبنان بانتخابات عام 1970 الرئاسيّة لكن لم نتطرّق يوماً إلى حقيقة أنّ ميليشيا سليمان فرنجيّة كانت تحيط بالمجلس النيابي من كل جانب، وكانت مستعدّة للاعتراض لو أنّ الياس سركيس فاز على فرنجيّة ــــ وعندما اتصل صبري حمادة بفؤاد شهاب للنظر في كيفيّة التصرّف أقنعه شهاب بأنّ البلد لا يحتمل اعتراضه على النتيجة). لم يكن ترامب يحتاج في آخر انتخابات إلا إلى رئيس هيئة أركان موالٍ.

0 تعليق

التعليقات