على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

رمية حجر على الحدود مع فلسطين أثارت كل هذه الضجّة. كان العرب في ما مضى يتسابقون لإظهار العداء بكل أنواعه لإسرائيل. اليوم، تغيّر الجوّ. بفضل منظمات الـ «إن جي أوز» وعولمة الإعلام، وخصوصاً انتشار الإعلام العربي «المستقلّ» (أي المُمَوّل من قبل حكومات الغرب وجورج سوروس)، أصبح هناك اعتناق شعبي، نخبوي بالأحرى، لمفاهيم وقيم الصهيونيّة. بعد تحرير الجنوب، زار إدوارد سعيد المنطقة المحرَّرة ورمى حجراً في وجه العدوّ. قامت القيامة هنا وانطلقت مطالبات ومناشدات لـ «جامعة كولومبيا» من أجل طرده من وظيفته. حاول سعيد أن يفسّر فعلته ممّا أوقعه أكثر. وليد فيّاض تكنوقراط من الذين نادى بهم الثوّار. أرادوا أشخاصاً يحملون شهادات واختصاصات جامعيّة نخبويّة ممن لديهم خبرة في الغرب. في هذا الرجل تتوافر كل الشروط، أكثر من أي تكنوقراطي آخر، مثل السنيورة الذي لم يدرس في جامعات الغرب مع أنّه ــــ للأمانة ــــ يحاول جاهداً منذ عقود تصنّع لكنة بريطانيّة، لكنّه يفشل في مسعاه. إلا أنّ فيّاض يختلف عن النموذج التكنوقراطي: ليس تابعاً لرجل دين (مثل زياد بارود أو ديميانوس قطّار)، وهو ينزل بين الناس وليس معجباً بإسرائيل ولا يضخّ التملّق لأنظمة الخليج. هذا نمط مغاير. التكنوقراط اللبناني متمرّس في إطناب المديح على طغاة الخليج وفي إعلان الوثوق بنيّاتهم في التطبيع. التكنوقراط اللبناني تعب من الصراع مع إسرائيل، مع أنّ أحداً منهم لم يمتشق بندقيّة من أجل لبنان أو فلسطين في وجه العدوّ. غلطة فيّاض أنّه لم يخجل من إعلان رمزي للعداء لإسرائيل. هذا ممنوع. قيم النخبة المثقّفة في لبنان تتطابق مع نيّات التطبيع الخليجي. موقع «درج» استنكر الاستعراض. أي أنّ استعراضات فريق التغييريّين في الناقورة وفي الخلوة وفي همروجة في برنامج «أفسد إعلامي لبناني» محمودة، لكنّ استعراض إعلان التضامن مع أهل الجنوب وفلسطين منبوذ لأنّه يتناقض مع أجندة مموّلي الإعلام المستقلّ. لو أنّ وليد فيّاض رمى وردة نحو العدوّ، لقطع موقع ميغا ــ درج برامجه من أجل الثناء على مظهر من الصراع الحضاري. حضارتكم مُترجمة.

0 تعليق

التعليقات