على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

هناك صحافة للإمبراطورية. الإعلام الغربي، في قطاعات كثيرة فيه، هو صحافة إمبراطوريّة الحرب الأميركيّة. الـ«غارديان» التي كانت صحيفة يساريّة مغايرة في ما مضى، تحوّلت إلى بوق لآلة الحرب الأميركيّة (يكفي أن تقرأ مارتن شولوف). كانت هناك فروقات بين صحافة بريطانيا وصحافة فرنسا وصحافة أميركا في السبعينيات والثمانينيات. الآن، هناك صحافة نظام عالمي أميركي واحد. بروباغندا الإعلام الغربي وصلت إلى مستوى إعلام الأنظمة العربيّة. تخيّل أنّ كل إعلام يتصل بوجهة النظر الصينية أو الروسيّة، بات يحمل صفة خاصّة وترميزاً علنياً على المواقع لتحذير الناس من خطره. هذا لا يختلف أبداً في الممارسة عن إعلام رومانيا، أو أيّ من الأنظمة الشيوعيّة التي كانت أميركا تسخر من إعلامها. طبعاً، في الحديث عن التوتاليتاريّة، يصحّ القول إنّ أميركا هي أوّل دولة في العالم تنشئ ـــــ من خلال «وكالة الأمن القومي» التجسّسيّة ـــــ أكبر نظام توتاليتاري في التاريخ العالمي. سيّارة مفخّخة في قلب موسكو تودي بحياة ابنة كاتب تزعج أفكاره الحكومة الأميركيّة (أو بعضها لأنّه قريب من بعض أوساط اليمين الرجعي هنا) ولا من مُدين. لم يكن هناك استنكار في أيّ من وسائل الإعلام، بل إنّ «نيويورك تايمز» كانت تحدّثت بإعجاب قبل الانفجار عن لجوء الحكومة الأوكرانيّة إلى أسلوب السيارات المفخّخة. والغرب منسجم مع نفسه: هو لم ينزعج من اختراع المنظمات الصهيونيّة للبراميل المتفجّرة في حرب احتلال يافا في عام 1948، لكنّه استنكر أخلاقيّاً البراميل من قبل النظام السوري (والبراميل مثل السيارات المفخّخة يجب أن تكون مستنكرة لأنّه يصعب التمييز في استهدافاتها بين مدنيّين وعسكريّين، كأنّ الرامي يكترث). الصحافة الغربية برّرت السيارات المفخّخة: بعضهم ذكّر بمواقف ابنة ألكسندر دوغن، كأنّ المواقف تسوّغ استعمال السيارات المفخّخة ضد كُتّاب. هؤلاء الغربيّون أنفسهم ــ حكومات وإعلاماً ــــ يستنكرون الاغتيال ولو بمسدّس ضد من يكون في صفّهم. هم مع الاغتيال ويمارسونه على نطاق واسع، لكن على أعداء الغرب استعمال وسيلة قرع الطناجر فقط. «فاينانشال تايمز» تحدّثت عَرَضاً أمس عن شرور هؤلاء الذين يسعون «لتدمير» الهيمنة الأميركية العالمية كأنها ــــ أي الهيمنة ـــــ لا عنفيّة.

0 تعليق

التعليقات