على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا يوجد أوقح من الحكومة الأميركيّة. المسؤولون الأميركيّون يعترضون بصورة شبه يوميّة على «السلوك العدواني» للصين، ويتحدّثون عن الاستفزازات الصينيّة ويحذّرون من نوايا الصين. تنظر إلى ما حولك في هذا العالم، فلا ترى إلا استفزازات أميركيّة على مدار الساعة. بوجود العدوانيّة الأميركيّة، تصغر كلّ العدوانيّات. أعلمُ أنّ حلف الناتو يروّج لمقولة تنتشر بين بعض اليسار الأطلسي (في بلادنا وفي دول الغرب) أنّ هناك إمبرياليات غير الإمبرياليّة الأميركيّة. يتحدّثون من دون ابتسامة أو حسّ المفارقة عن إمبريالية إيرانية وعن إمبريالية صينيّة وعن إمبرياليّة روسية، ولو أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً آخر في الفضاء لحدّثوك عن إمبريالية كورية شماليّة. ولو أنّ حزباً شيوعيّاً عربيّاً جاهر بدعم مقاومة إسرائيل لوصفوه هو الآخر بالإمبريالية. دولة تنشر مئات الآلاف من جنودها حول العالم وفي أكثر من 800 قاعدة عسكرية (مُعلنة) فيما الصين ليس لها خارج أراضيها إلا قاعدة في جيبوتي، ويعترض مسؤولو واشنطن على السلوك الصيني العسكري حول العالم. هذه طبعاً من مُنتَجات مطبخ البروباغندا الأميركي ويذكّرك في صفاقته وغبائه ببروباغندا أميركا في الحرب الباردة (نعترف طبعاً أنّ البروباغندا الغبية تفعل فعلها بين الناس، خصوصاً أن البروباغندا المواجِهة لها ضعيفة للغاية ــــ خسر الاتحاد السوفياتي حرب الدعاية السياسية قبل أن يخسر الحرب في أفغانستان). والإعلام الغربي (أصبح الإعلام الغربي منذ الحرب على العراق إعلاماً شبه رسمي، وزادت رسميّته ـــ أي خضوعه بالكامل للعسكرتاريا والاستخبارات في حلف شمال الأطلسي ــــ في حرب أوكرانيا) يكثر من نقل تصريحات أميركية رسميّة عن عدوان الصين. أين هو عدوان الصين؟ كيف يتجلّى؟ أين غزوات الصين مقابل غزوات دول الغرب الكثيرة الديموقراطيّة في آسيا وأفريقيا والآن في أوكرانيا؟ الطائرات الأميركيّة تحلّق فوق شواطئ الصين وتخرق مياهها الإقليميّة وتعترض الحكومة الأميركيّة إذا ما اعترضت الصين على الاستفزازات الأميركيّة. تخيّل رد فعل الإمبراطورية الوحيدة في العالم لو أنّ طائرات صينيّة اقتربت من شواطئ أميركا.

0 تعليق

التعليقات