على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

يكثر الكلام والتنديد بـ «اتفاق القاهرة» على أنه هو الذي تسبّب في الحرب الأهليّة في لبنان. محاولة تحميل الشعب الفلسطيني مسؤوليّة الحرب لم تتوقّف. الشعب اللبناني بريء. كان صائب سلام يقول قبل اجتياح عام 1982 إنه يخشى «على اللبنانيّين من الاختناق لكثرة العناق لو تركهم الغريب». لكنّ منظمة التحرير («الغريب» بنظر شوفينيّ القوميّة الفينيقيّة) طُردت من لبنان في عام 1982. كيف تعامل اللبنانيّون في ما بينهم بعد عام 1982؟ لنقل إنّهم بدلاً من العناق، تقاتلوا بالفؤوس في الجبل وبالمدافع في بيروت. اتفاق القاهرة جاء كمحاولة من النظام الناصري لمنع الحرب الأهليّة في لبنان وتحمّس لها إميل بستاني من أجل التحضير لصعوده إلى سدّة الرئاسة. (أخبرني أخيراً موفد لبناني شارك في اجتماعات اتفاق القاهرة في حينه أن الاتفاق كان مُعدّاً قبل وصول المندوبين وأنه لم يجرِ نقاش هناك). وينسى الناس أنّ المقاومة كانت عرضة لمؤامرة فظيعة شارك فيها «حزب الكتائب» و«الأحرار» و«جيش لبنان» (جيش لبنان قبل الحرب لم يختلف قيد أنملة عن جيش لحد ـــ هذه هي حقيقة عقيدة فؤاد شهاب العسكريّة). المؤامرة كانت تريد من خلال ضرب المقاومة إضعاف المعارضة اللبنانية (الإسلامية والعلمانيّة على حدّ سواء) كي يستقيم الحكم المتفرّد والمُستأثِر والطائفي لعصابات اليمين الفاشي المتحكّمة. السرديّة التي تقول بأنّ عصابات اليمين دافعت عن لبنان بوجه اتفاق القاهرة هي مغلوطة—وقد ردّدها الياس جرادة أخيراً. عصابات اليمين حاربت اتفاق القاهرة دفاعاً عن إسرائيل حاميتها وليس دفاعاً عن لبنان. و«حزب الكتائب» لم يعارض اتفاق القاهرة، لأن السلطة الرجعية الحاكمة كانت تريد هدنة من أجل التقاط الأنفاس (وحده ريمون إده عارض الاتفاقية خصوصاً أنّ النصّ كان سريّاً ولم يتداول به النوّاب). حرب أيّار 1973 كانت الفصل الآخر بعد اشتباكات 1969 التي افتعلتها السلطة بالاتفاق مع ميليشيات اليمين. اتفاق القاهرة كان تعبيراً عن الاعتراف بواقع انطلاق الثورة الفلسطينيّة في لبنان. أحلم باتفاق القاهرة 2. أين حلم التحرير والمقاومة في مخيّمات لبنان التي ينشغل الكثير من أهلها في عقائد طائفية ومذهبيّة وفي أجندات دحلانيّة خطيرة؟.

0 تعليق

التعليقات