على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

كان أخي الراحل مدحت يمقت «القوّات» كثيراً ويسألني عن سبب إحجامي عن الكتابة عن جعجع. وكنتُ أقول له: لأنه ليس هناك من أجندة خطيرة تمثّلها «القوّات» اليوم كما كانت تمثّل في زمن «الكتائب» قبل الحرب. المشروع «القوّاتي» تحوّل إلى مشروع سفارة السعودية والإمارات فقط، وهي تتكيّف مع أوامر مموّليها كيفما مشوا. المشروع القوّاتي هو مشروع خارجي ليس أكثر. هطلت أموال كثيرة على «القوات» في هذه الأزمة، لكنّ انتصار القوّات ساهم فيه خصومه. حزب الله يركّز دائماً في تصويبه على «القوات»، وجمهور الحزب على المواقع دائم الحديث عن جعجع والقوّات. هذا يُفيد القوّات عند جمهورها وأفادها أيضاً في الكثير من المناطق المتأثّرة بالتأجيج الطائفي. الحزب مرتدع في نقد خصومه السنّة، ولهذا يأخذ راحته في نقد أدوات السعودية المسيحيّين. لكنّ هذا التكتيك أضرّ كثيراً لأنّه رفع سمير جعجع إلى مرتبة الخصم الندّ لنصر الله. أكثر من ذلك، المسيرة التي قادها الحزب والحركة في الطيّونة كانت حركة شديدة الغباء وأدّت إلى إسالة الدماء، يتحمّل مسؤوليّتها الجيش والقوّات. كيف يمكن (في ظلّ أجواء محمومة ومتوتّرة) أن يقود الحزب مسيرة في منطقة كانت عاصمة إشعال الحرب الأهليّة؟ استعراض القوّة هذا كان في غير محلّه. الناس تُعاني من أزمة خانقة لم يشهدها لبنان في حينه، والثنائي قرّرَ أنّ تحقيق القاضي بيطار هو قضيّة القضايا، وأنّ ذلك أهم بكثير من تأمين الطحين والمحروقات ومواجهة مؤامرة خارجيّة يمثّلها من هو أهم من بيطار. واستفاد جعجع أيضاً من أنّ الحزب نسي جنبلاط ونسي الجميّل ونسي مخزومي (الذي كان حليفاً وثيقاً له) ونسي أشرف ريفي. الحزب يرى أنّ أيّ نقد للخصوم السنّة يشحن الوضع الطائفي المحتقن، ونقد جنبلاط يُزعج الحليف الشيعي الأبرز. جنبلاط لعب دوراً أكبر بكثير من جعجع في المؤامرة التي تركّبت في مطلع الألفيّة في لبنان. ولا يزال الحزب يحيّد جنبلاط، لا بل إنّ وئام وهاب روى قبل أيام على الشاشة أنّ وفيق صفا لا يزال يتواصل مع جنبلاط.

0 تعليق

التعليقات